أكتب هاته الأسطر و كلي مبعثر بين أحاسيس الألم و الوجع ، على وطن لم يسع شبابه ، لم يسع حلمهم في وطن يحضن ، في وطن يوفر المسكن و الملبس و العمل و … حقا لا مكرمة ، في وطن يحتضن ، يشجع ، في وطن للأسف وصل لدرجة رمي شبابه في طاحونة النفايات و السبب الوحيد ، هو الجرأة على أخد بضعة امتار – لبيع سلعة توفر دراهم معدودة تقي شر ارتفاع أسعار، شر انعدام التغطية الصحية لعدد عرمرم من الشعب ، شر خوصصة التعليم ، شر وشر و شر و ……. اااااااه على و طني – من مليارات الأمتار التي سطى عليها حاشية الحاكم ، و أقارب الحاكم و أصدقاء الحاكم و كل شخص له مجرد أنملة قرب من الحاكم
أما الاباعد من حلقة القرب و هم الشعب و غالبيتهم شباب فلهم التالي :
فتح تحقيق .
اصبحت أحس بالغثيان عند سماعي هاته الكلمة – فتح تحقيق – لكثرة ترددها على لسان وزارة عهد عليها الكذب – وزارة الداخلية التي تحكم الحكومة – عند كل واقعة كارثة
سمعنا تحقيقا سيفتح لمعرفة سبب احتراق ما يزيد عن ثلاثين جوهرة من جواهر شباب المغرب في حافلة طانطان لكن بمجرد معرفتهم المسبقة بارتباط الحادث بمافيا تهريب الرمال أغلق الملف بالجملة التالية السبب هو السائق و القضية كلها قضاء و قدر
سمعنا تحقيقا سيفتح لمعرفة سبب غرق العشرات في فيضانات الجنوب و أغلبهم شباب … ليغلق الملف في الأخير بجملة قضاء و قدر
سمعنا سيفتح تحقيق لمعرفة الاسباب الكامنة وراء صرف 22 مليار لتحويل ملعب كرة قدم الى مسبح فكانت نتائج التحقيق مبهرة قضاء و قدر
سمعنا اليوم سيفتح تحقيق للبحث عن السبب الذي كان وراء القتل العمد للشاب – مول الحوت – ابتداء بعدم توفير شغل يحفظ كرامته و انتهاء بسحق عظامه في شاحنة للنفايات … لكن عند انتهاء التحقيق سنسمع الجملة الأزلية قضاء و قدر
سمعنا سيفتح تحقيق لمعرفة مضمون وثائق بناما … اسف لم نسمع
سمعنا سيفتح تحقيق لمعرفة من أعطى 12 المليار لكلنتون لتحضر افتتاح مؤتمر دعي إليه المسمى قيد حياته بيريز … اسف لم نسمع
سمعنا سيفتح تحقيق عن بيع الالاف الهكتارات بأثمنة بخسة لأمراء الخليج و خدام الدولة في حين لايزال معظم أبناء الوطن لا يجدون مجرد أمتار قليلة يضعون عليها صناديق مهترئة مملؤة بما استطاعوا انتزاعه من خيرات البلاد التي نهب جلها من طرف رؤوس الفساد … اسف لم نسمع
سمعنا سيفتح تحقيق حول الأسباب الكامنة وراء الاكتظاظ المهول في الجامعات و المدارس و غياب الاطر و وعن سبب البنية المهترئة التي يتضح حجم الغش و النهب فيها بمجرد نزول بضع قطرات من ماء الرحمة ، حتى أصبح المغاربة يدعون الله ( يا ربي اعطينا الشتا على قدر البنية التحتية ) … اسف لم نسمع
سمعنا سيفتح تحقيق عن من يرسل خيرة شابات المغرب الى دول الخليج ليجدوا أنفسهم بين عشية و ضحاها داخل سجون الذل و العار لسبب امتناعهم تلبية رغبة كبت مدفون لدى الأمراء … اسف لم نسمع
سمعنا سيفتح تحقيق حول الدواعي و الأسباب التي تجعل شباب الوطن يركبون قوارب الموت طمعا في الوصل الى جنة الأرض – اروبا – بعد أن يئسوا من وطن اصبحوا يسمونه سجنا … اسف لم نسمع
سمعنا و سمعنا و سمعنا لكن في الاخير … اسف لم نسمع
لكن رغم كل هاته الآهات و الأوجاع يجب أن لا ننسى أن فجر الحرية ليطلع على و طننا الحبيب لابد له من تضحيات تبعث الروح في الغالبية الصامتة لتنهضها من قعر الركون و الانبطاح و الانشغال بسفاسف الأمور إلى مستوى المطالبة بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية
في الأخير وجب تذكر المخزن أن الأوضاع المزرية التي كانت وراء خروج الشعب أيام 20 فبراير لازالت قائمة إن لم نقل أنها زادت تفاقما مما ينذر بانفجار اجتماعي يطل في الأفق
كما نذكر كل القوى السياسية التي لم تتلطخ يدها في عبث الفساد و الاستبداد ان الوقت قد حان لنسيان ما يفرقنا لنجتمع في الكتلة التاريخية التي سيكتب التاريخ عنها أنها كانت السبب في انتقال المغرب من دولة سمتها الفساد إلى دولة نموذج في الانتقال نحو الديمقراطية و العيش الكريم و إلى دلكم الحين نسأل الله تعالى أن يرحم جميع شهداء الوطن .
