ماذا تنتظرون من الجامعة المغربية وعقلية المصلحة تتحكم في البرنامج والقرار..؟
بقلم الطالب الباحث: الحسين كوكادير
ما يزيد عن شهر والطلبة الثلاثة في أبواب كلية العلوم جامعة ابن زهر أكادير يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تنديدا بالقرار الظالم، وطلبا للإنصاف العادل من عميد قاسط؛ إنجازه الوحيد بعد مرور سنة من تنصيبه مسؤولا على الكلية هو تعميق الأزمة، وتغليط السادة الأساتذة، والخروج بعدد من الافتراءات غير المسنودة على أي أساس قانوني أو تربوي، وغير المحترمة لمعظم المبادئ والأفكار التي يدعيها سواء في نشاطه السياسي أو في مهامه التربوية والإدارية.
يسأل سائل: وما الجديد في هذا؟ المعروف والمشهور عندنا في المغرب أن “الفاعل السياسي الرسمي” دائما يُخلف وعده؛ يقول أشياء ويطرح وعودا قبل توليه المهام ولا يحقق أي شيء بعد وصوله إليه.
الجديد، أننا لسنا أمام شخصية سياسية فحسب؛ رغم أنه لو كنا في بلد يحترم قواعد الديموقراطية كما تأسست في البلدان التي تحترم نفسها لتمت محاسبة هذا السياسي أيضا، بل أمام شخصية إدارية مسؤولة في مؤسسة عمومية المفروض فيها الخطاب الصريح لا المقنع؛ الصدق لا الكذب؛ الحياد لا الازدواجية؛ العمل بالقانون وتطبيقه لا خرقه وتجاوزه واستغلاله…
إلى اليوم، وبعد تسعة أشهر من انطلاق القضية، وبعد أزيد من شهر من الاعتصام أمام أبواب الكلية في صورة حزينة ومعبرة في آن؛ ثلاثة طلبة مغاربة أبرياء أحرار ظُلموا ظلما قاسيا في مؤسسة جامعية داخل بلد يرفع شعار “دولة الحق والقانون”.
بعد كل هذا، والتضامن المجتمعي المختلف الواسع على منصات التواصل الاجتماعي وفي الميدان، لم تكلف الوزارة الوصية إلى الآن نفسها حتى هم السؤال. هل الإساءة إلى الجامعة المغربية وخرق القانون المنظم للتعليم العالي وضرب فصول الدستور المغربي والعهود الدولية عرض الحائط أمر طبيعي جدا، وفي المقابل تعتبر المطالبة بمكبر صوت في المدرجات وعدة تجريبية في المختبرات وتنظيم أنشطة علمية دراسية لفائدة الطلاب أمرا خطيرا وجريمة نكراء تستوجب الطرد وتستدعي المتابعة القضائية؟ إن كان الجواب لا، فلماذا الوزارة ساكتة صامتة لم تحرك ساكنا إلى الآن؟ وإن كان نعم، فسلام على الجامعة المغربية وعلى مستقبل البلاد.
ماذا ننتظر من الجامعة المغربية وعقلية المصلحة تتحكم في البرنامج والقرار؟ سؤال إلى وزير التعليم الذي يريد أن يبلور شعارات الرؤية الاستراتيجية وينزل بنود القانون الإطار: أبهذه العقلية الموجودة عندكم في بعض المؤسسات الجامعية تطمحون لتحقيق ذلك؟ لا أعتقد إطلاقا؛ لأن تقوية قطاع التعليم العالي وتطويره يقتضي انفتاحا على الجميع، ومشاركة الجميع، وإسهام الجميع… أما طرد الطلاب، وقمعهم، وتغييبهم، والاستقواء عليهم، واستغلال السلطة الإدارية والمكانة العلمية “لتصفية الحسابات” وتمرير المخططات والبرامج التي تضرب في الجامعة العمومية المغربية لن يبني جامعة ولا مجتمعا.
النضال والصمود هما ما تبقى لفئات المجتمع المغربي، والاستمرار فيهما هو السبيل الوحيد أمام الطلبة الثلاثة حتى يُسمع صوتهم ويتم إنصافهم وإرجاعهم إلى الدراسة. ومن يحلم برهان الوقت فإنه واهم؛ يمر الوقت ويزداد التشبث بالحق رسوخا.
أتمنى من كل عاقل في الوزارة الوصية على قطاع التعليم العالي أن يقوم بواجبه وينصف هؤلاء الطلبة بالقانون فقط؛ لأن الإصرار على هذا السلوك الفارغ تربويا وقانونيا يسيء للجامعة ويشكك في قدرات ومؤهلات وإمكانات أطرها وأساتذتها الأكفاء الأجلاء.
يقول الناظم:
فلا تعـــجل على أحــــــد بظــــلم *** فإن الظلم مرتعُــــــه وخيـــــــــمُ
والظلم طبع ولولا الشر ما حمدت *** في صنعة البيض لا هند ولا يمنُ
يا ظالما جار فيمن لا نصــــير له *** إلا المهيمـــــــن لا تغترُّ بالمـــهل
غدا تمــوت ويقضي الله بينـــــكما *** بحكمة الحـــــق لا بالزيغ والحيل