لماذا ملتقى القدس؟
محورية القضية الفلسطينية في وعي الشعوب والحركات التغييرية في العالم محورية مؤسسة، تبعا لما تختزله القضية من تجسيد كلي لمعاني الصراع بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين إرادة تحكم العالم بمنطق الاستغلال والأنانية المستعلية… وإرادة مقاومة تسعى إلى الخير الذي يشمل كل البشر في ظل عالم تسوده قيم العدل والكرامة والحرية.
هذه المحورية جعلت الإلتزام بالدفاع عن القضية الفلسطينية ومساندتها جزءا مهما من البرامج السنوية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، سواء عبر التضامن الدائم والمستمر مع الشعب الفلسطيني من قبيل تخليد الأيام المرتبطة بالقضية كيوم الأرض واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. أو الأنشطة والأشكال التفاعلية مع كل مستجدات الساحة الفلسطينية.. وفي مستوى ثاني منذ موجة الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني وذلك عبر تحصين الجبهة الداخلية من التطبيع عبر رصد الحركات التطبيعية وفضح خطورتها وضررها.
في هذا السياق تأتي خطوة تنظيم ملتقى القدس كنشاط مركزي تنظمه الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب على دورات في مختلف الجامعات المغربية، تأكيدا لمركزية القضية الفلسطينية في ووعي ووجدان الطلبة المغاربة، وتعبيرا عن الاصطفاف الكلي لطلاب المغرب في صف الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة حتى التحرير.
يحل ملتقى القدس هذه السنة على ضوء سياقين بارزين محددين لمختلف الأهداف المرسومة للملتقى، والرسائل المراد إيصالها منه. على المستوى الدولي معركة طوفان الأقصى، التي تواجه فيها المقاومة الفلسطينية بأرض غزة المباركة استكبارا عالميا يسعى إلى كسر شوكتها من خلال حرب الإبادة الشاملة التي يقودها نظام الاستكبار العالمي وأنظمة الاستبداد العربية الملتحقة بركبه.
وعلى المستوى المحلي، الهبة الشعبية التي تعرفها شوارع المغرب وساحاته رفضا لكل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من أشكال الإبادة والتجويع والتهجير.. ضدا في سياسة النظام السياسي بالمغرب الذي يصر على الارتهان الكلي للطوق الصهيوني الذي يزداد ضيقا بعد ضيق مع توالي الأيام.
موازاة مع هذا لم يقف طلاب المغرب موقف المتفرج، بل كانت الجامعة السباقة إلى إعلان مباركتها لطوفان الأقصى ومساندتها الكلية للمقاومة الفلسطينية نصرة وتعريفا وتضامنا… وهو ما تجلى في العشرات من الأنشطة الطلابية داخل كل الجامعات المغربية تضامنا مع القضية الفلسطينية، فضلا عن الإضرابات الطلابية الوطنية والمحلية.. إضافة إلى الحضور الدائم للقضية الفلسطينية في كل الأشكال والأنشطة التي ينظمها الاتحاد.
أمام هذه الصورة المجملة للسياقات المختلفة التي تؤطر نسخة هذه السنة من ملتقى القدس، يطرح سؤال بسيط التركيب، غني الدلالات: لماذا ملتقى القدس؟
أقول وبالله التوفيق، أن الغايات التي يمكن رسمها لعقد ملتقى القدس في دورته السادسة عديدة بما لا يمكن معه عدها، فهو يأتي، كما تم الذكر، في سياق حرب إبادة شاملة يشنها حلف الاستكبار العالمي على قطاع غزة، وأمام هول المجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، أو المقدمات التي ترتبها سلطات كيان الاحتلال الصهيوني على القدس الشريف خلال شهر رمضان المبارك كلها دوافع تجعل من تنظيم ملتقى القدس كشكل من أشكال النصرة والدعم المباشر للشعب الفلسطيني والتضييق على السردية الصهيونية داخل المغرب وفضحها أمام الطلاب والشعب المغربي.. غايات مركزية للملتقى.
ومع هذا يمكننا اعتبار ما يلي من الغايات، نتائج مرجوٌ تحقيقها أثناء وبعد الملقى:
-تعزيز مستوى التعبئة والحشد خلف القضية الفلسطينية داخل الجامعة المغربية من أجل تحقيق زخم إشعاعي لعدالة القضية الفلسطينية، وخيارات الشعب الفلسطيني المتمثلة في المقاومة وعدم الركون لصفقات الهوان والذلة.
-رفع مستوى الوعي بمختلف الأبعاد الدينية والاستراتيجية والسياسية والثقافية للقضية الفلسطينية والصراع مع الصهيونية العالمية.
-تشجيع الإنتاجات الأكاديمية والمعرفية حول القضية الفلسطينية، وبعث الصلة بين الجامعة ومحيطها من خلال تبني قضايا المجتمع والإسهام في الدفع بها إلى الأمام وذلك بنقلها من مستويات الخطابات المختلفة إلى مستوى المعرفة العالمة.
-تشجيع الآداب والفنون المقاومة وكل المبادرات الثقافية والإبداعية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
-تشبيك العلاقات والمبادرات بين مختلف الهيئات الطلابية والمجتمعية الداعمة للقضية الفلسطينية وتعزيز العمل المشترك خدمة للقضايا العادلة..
ختاما، من نافلة القول التذكير أن العالم منذ السابع من أكتوبر 2023 يعرف مخاضا كبيرا يؤسس لتحولات كبيرة، تبشر بدخول العالم مرحلة مختلفة من تاريخه، لكنه الحسرة والامل الذي يعتصر القلوب على المغترين بسطوة جبارة سائرة في طريقها للأفول.
إن الطوفان جارف، والعاقل من يتجنب الطوفان لا من يصارعه.
عبد الكريم الضوبيل.