بقلم: عبد الكريم ضوبيل
قالت العرب قديما: “كل عز لم يؤيد بعلم يصير إلى الذل”. لكننا في بلد “الاستثناء المغربي” نضرب بحكم العرب و العجم عرض الحائط، فنعكس الآية و يصبح المثل السائر علينا: “كل علم لم يؤيد بعز يصير إلى الذل”!
يعتبر التعليم مدخلا أساسيا لتربية الناشئة على قيمة الكرامة و تبعاتها كالحرية و العدل، التي تمثل أسمى المطالب التي تصون إنسانية الإنسان و تحول دون الانحدار به إلى ما دونها.
لكن في “بلاد الاستثناء” أصبحت الجامعة بما هي فضاء للتربية قبل التعليم فضاء لممارسات غير أخلاقية تضرب عرض الحائط كل الشعارات الرنانة التي ترفعها الجهات الوصية على قطاع التعليم بهذه البلاد، من قبيل “فضاء المعرفة و العلم” و “تخليق الفضاء الجامعي” إلخ..
في جامعات المغرب عموما أضحى مطلب كرامة الطلبة و الطالبات مطلبا ملحا في ظل هذا الوضع المأزوم. حيث أصبح الطلبة عرضة لصور مختلفة من ما يمكن أن يعتبر عنفا في حقهم: “عنف إداري” أصبح بمثابة العرف المتداول في الجامعة المغربية يذهب ضحيته طلبة لا حول لهم و لا قوة أمام التغول الإداري و الشطط في استعمال السلطة..
يقال أن المثال أبلغ وسيلة لتوضيح ما استشكل في فكرة ما و تبسيطها لتيسير فهمها، فلربما هذا الإسهاب في الكلمات أعلاه يحول دون تبليغ المقصود من الكلام. الحديث منذ بداية هذا الأسطر كان عن قصة طرد ثلاثة طلبة ظلما و عدوانا من كلية العلوم-أكادير، في ابشع صورة للاستغلال المعيب للموقع الإداري و الشطط في استعمال السلطة التأديبية المخولة بالقانون لتصحيح ما شذ من الأفعال داخل المؤسسات التربوية. إن قضية هؤلاء الطلبة المطرودين (بعد مرور ما يناهز الشهرين من معتصمهم المفتوح) تمثل صورة صارخة فاضحة لواقع الجامعة المغربية، مشهد الطلبة يوما بعد يوم أمام أبواب الكلية إدانة صارخة لواقع حال التعليم بالمغرب!
إننا أمام جامعة سلبت بفعل قوة قاهرة دخيلة دورها الأساس المتمثل في بناء القيم و صونها لدى الأجيال، إننا أمام جامعة سلبت هويتها من كونها فضاء للتربية قبل التعليم لتصبح بذلك فضاء للتسيب و الاستهتار، إننا أمام جامعة تنصلت من مسؤوليتها لتفسح المجال أمام العبث الذي أصبح هو القيمة العليا الحاكمة لتدبير مؤسسات المغرب الرسمية، كل هذا و نقول أننا، و يا للأسف، أمام جامعة!
أمام كل هذا أصبح مطلب حفظ كرامة الطالب و صون حرمة الجامعة من المطالب المرحلية للحركة الطلابية التي تستلزم توحيد الجهود و لم الشتات لبناء جامعة المعرفة و العلم بما هي فضاء يضمن كرامة الطلاب، حتى يصح فينا قصد السلف: تأييد علم بعز !