يعتبر التعليم أحد الميادين المركزية ، والهامة في بناء الانسان و الأفراد و المجتمعات و الأمم ، و في نفس الوقت قد يكون طريقا لتخلف المجتمعات إن لم توجد الوسائل المناسبة و المتاحة له.. و بما أن الدولة هي الفاعل الرئيسي في صناعة وبلورة السياسات التعليمية، وهي أول من يتحمل المسؤولية في إيجاد حلول للمشاكل التعليمية وتوفير الظروف الملائمة لهذا القطاع و هي مسؤولة أيضا عن الإخفاقات التي عرفتها المنظومة التربوية مند الاستقلال إلى يومنا هذا ، بسبب احتكارها للنقاش العمومي و انفرادها ببلورة السياسات و صياغاتها ، و عدم إشراكها لمختلف الفاعلين داخل الأسرة التعليمية ببلادنا، هذا بالرغم من تنصيص دستور 2011 على آليات للحكامة الجيدة من قبيل الديمقراطية التشاركية التي تتيح الحق في المشاركة في اتخاد القرار ، وكذا التتبع و التنفيذ و التقييم .
وما القانون الإطار 51.17 الذي يندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية 2030-2015 إلا حلقة جديدة من مسلسل الإصلاحات المزعومة التي تنهجها الدولة بنفس الأساليب المتبعة في ظل ما سبقه من إصلاحات ومخططات واهية انتهت بالفشل الذريع. ومن بين ما جاء به هذا المشروع هو رفع المجانية عن التعليم العمومي وفرض رسوم للدراسة ابتداء من التعليم الجامعي فالثانوي، وهو ما يستشف بشكل صريح من خلال مقتضيات المادة 45 من هذا القانون.. وبهذا المقتضى ستصبح الدولة متناقضة مع نفسها إذ لا مبرر لوجودها إن هي تنصلت من واجباتها في توفير الخدمات العمومية للمواطنين المرتكزة على مبادئ الجودة والمجانية والشفافية . ان السياسات المرتجلة التي تتم بنفس الطريقة في مجال التعليم لا يمكننا إلا أن نتوقع نفس مصير الخطوات الإصلاحية السابقة، إذ لا يمكن تحقيق نتائج مختلفة طالما الدولة تشتغل بنفس المنهجية.. فتنزيل توصيات المؤسسات الدولية المانحة دون مراعاة للظروف الاقتصادية والاجتماعية يضرب بشكل مباشر في التعليم المجاني عرض الحائط، فهذه السياسة التحكيمية التي تنهجها الدولة و تدبر بها مثل هاته القضايا ستزيد الوضع تعقيدا، لهذا وجب على كل الفاعلين الانضمام الى حراك مجتمعي عابر للأيديولوجيات هدفه ايقاف نزيف هذا الوطن الجريح.