تخطى إلى المحتوى

تقرير: ما الذي يمنع جامعة ابن زهر من تصحيح “قرار طرد الطلبة الثلاثة”؟

بعد شهرين من الاعتصام أما كلية العلوم وأمام جامعة ابن زهر في أكادير، لازال ثلاثة طلبة من مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يستميتون في الدفاع عن حقهم الدستوري في متابعة دراستهم، رافضين القرار الجائر القاضي بإنهاء مسارهم الدراسي دون أي سند قانوني، ولا تزال عمادة كلية العلوم ورئاسة الجامعة متعنتة رغم الدفوعات القوية التي تفرض إرجاع الطلبة إلى مقاعدهم.

وفي خطوة تصعيدية، بعد هذا الرفض غير المبرر من عميد كلية العلوم لوضع حد لهذا الملف، وتصحيح الخطأ القانوني والتربوي، حوَل الطلبة الثلاثة الأسبوع الماضي معتصمهم من أمام كلية العلوم إلى مقر رئاسة الجامعة.

 

وكانت رئاسة الجامعة قد راسلت عمادة كلية العلوم من أجل مراجعة قرار الطرد بسبب عدم إخبار المطرودين والاستماع لهم وتمكينهم من حق الدفاع عن أنفسهم. وهو ما اعتبره صابر إمدنين الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب “تشكيكا من داخل البيت الجامعي في قانونية القرار وصوابيته”.

وأضاف إمادنين في تدوينة له في الفيسبوك أن “عدم توقيع أعضاء مجلس الكلية على قرار الطرد، يجعله باطلا قانونيا ومسيئا للجامعة المغربية، وأسبابه الحقيقية تختفي وراء الادعاءات المعلنة، وهي سياسية بالدرجة الأولى وانتقامية من الصوت النقابي المزعج بالدرجة الثانية”.

وقد تعالت في الأيام الأخيرة عدد من الأصوات الحرة الجامعية والنقابية والحقوقية الغاضبة من قرار الطرد، في محاولة لإعادة الملف إلى سكته الصحيحة وجبر الضرر الذي لحق الطلبة الثلاث، معتبرين قرار الطرد معيبا شكلا ومضمونا.

     1. نقابات:

واعتبرت عدد من النقابات، منها التي تشتغل في التعليم العالي، أن قرار طرد الطلبة الثلاثة ليس له أي سند قانوني ولا أي داع تربوي، بل – كما كان الطرد دائما – سلاح الإدارة لتقويض العمل النقابي.

  • الاتحاد الوطني لطلبة المغرب:

في سياق معركة “المطرود”، أصدرت عدد من فروع “أوطم” بلاغات تضامنية مع زملائهم المطرودين، ونظَّموا وقفات احتجاجية أمام رئاسة جامعة محمد الخامس بالرباط، وأمام رئاسة جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، وأمام رئاسة جامعة ابن زهر بأكادير، وأمام رئاسة جامعة محمد الأول بوجدة، وكذا أمام رئاسة جامعة المولى إسماعيل بمكناس، فيما تم منع وقفة احتجاجية كان مكتب فرع أوطم بالشمال قد دعى لتنظيمها أمام رئاسة جامعة عبد الملك السعدي. فضلا عن الكم الهائل من الأنشطة التضامنية في الجامعات المغربية.

كما زار أعضاء الكتابة الوطنية للنقابة الطلابية “أوطم” معتصم الطلبة المطرودين، وأكدوا دعمهم اللامشروط للطلبة المطرودين، معتبرين أن “استهداف مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، استهدافا للفعل النضالي الراشد”، كما جاء على لسان الحسين كوكادير نائب الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

 

  • النقابة الوطنية للتعليم العالي:

انتقد فرع النقابة الوطنية للتعليم العالي بأكادير ما وصفه بـ “افتعال الصراعات” مع الطلبة “واتخاذ إجراءات تأديبية بشكل تعسفي وخارج المساطير الجاري بها العمل”. بالتزامن مع يومهم من الاعتصام 55 أمام كلية العلوم ورئاسة الجامعة.

وطالب الفرع الجهوي للنقابة في بيان له رئاسة الجامعة وبعض مسؤولي المؤسسات؛ بضرورة “نهج سبل الحوار والتواصل مع الطلبة وهيئاتهم النقابية”. موضحا أن هذه التصرفات لا تزيد إلا في توتير الأوضاع في الجامعة وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعرفها الدخول الجامعي الحالي.

وجاء على لسان عبد الكبير بلاوشو عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي – وهو أيضا عضو سابق بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي – أن “سياسة المنع الممنهج من متابعة الدراسة واستغلال ظروف الجائحة لتقويض مسار ومصير الطلبة” هو جزء من “مُمَارَسات العَبَث المُؤَسَّسَاتِي وتَجْسِيد إِرَادَة التحكم” و”الشطط في استعمال السلطة”.

مصطفى الريق أستاذ التعليم العالي وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي بدوره اعتبر أن ما وقع في جامعة ابن زهر “فصل تراجيدي، من مسلسل بدأت أحداثه السنة الماضية بطرد ظالم لثلاثة طلبة من كلية العلوم بتهم أزكمت رائحتها الأنوف رغم احتياطات التعليب، تهم يعلم كل من عاش تجربة النضال أنها وأمثالها تكون جاهزة في الرف، لتشهر في وجه الخصوم المفترضين في وقت يقدره “أصحاب الحال” إما بدافع التعليمات أو بناء على حقد إيديولوجي أعمى”.

  • النقابة الديمقراطية للتعليم العالي:

وعبرت النقابة الديمقراطية للتعليم العالي في بلاغ صادر بتاريخ 12 أكتوبر 2020 عن تضامنها مع الطلبة المطرودين ودعمها لهم “حتى استرجاع حقهم في الدراسة”، معتبرة قرار الطرد قرارا “تعسفيا” يعبر عن ” الوضع الكارثي الذي تعرفه المؤسسات الجامعية على مستوى التدبير والتسيير”.

  • الكنفدرالية الديمقراطية للشغل

وبتاريخ 11 أكتوبر الماضي زار وفد عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل معتصم الطلبة، تعبيرا عن التضامن معهم. وصرح الأستاذ فريد الخمسي -عن الوفد- بأن “الدراسة حق كوني تكفله كل القوانين” مؤكدا أن “قرار الطرد تحركه هواجس محاصرة الفعل النقابي”، كما دعا المحدث ذاته رئاسة الجامعة إلى تدارك الوضع و”إعادة الطلبة المطرودين إلى مكانهم الطبيعي مع زملائهم الطلبة وأساتذتهم”.

التنسيقية الوطنية لأساتذة الزنزانة 9: في خطوة تضامنية مع الطلبة المطرودين، قام ممثلون عن التنسيقية الوطنية لأساتذة الزنزانة 9 يوم الأربعاء 23 شتنبر 2020 بزيارة المعتصم في اليوم التاسع من أيام الاعتصام، وبحضور المنسق الوطني للتنسيقية الأستاذ محمد بوخريص.

وقال بوخريص، أنه لا يمكن أن تكون في العقوبة بأي حال من الأحوال الطرد والحرمان من الحق في التعليم بسبب الأنشطة النقابية لأوطم، مؤكدا أن الجامعة هي في الأصل حق للجميع بدون تمييز.

      2. هيئات حقوقية:

 

عرف ملف “الطلبة المطرودين” تضامنا واسعا من الهيئات الحقوقية التي وقفت على حجم “الحيف” و”الظلم” و”الفساد” و”الشطط في استعمال السلطة” داخل دواليب الجامعة المغربية، وفي ملف الطلبة المطرودين على وجه الخصوص.

  • العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان:

دخلت العصبة على خط الملف، وقامت بمساع نبيلة من أجل تسويته، ونظمت زيارة للطلبة المعتصمين من قبل وفد عن الفرع الجهوي والمحلي. وكتب عادل تشيكيطو رئيس العصبة في حسابه بفيسبوك تعليقا على “ملف المطرود”: “أتابع بأسف شديد وببالغ التأثر قرار رئاسة الجامعة ابن زهر وعمادة كلية العلوم بأكدير، القاضي بطرد ثلاثة طلبة من الدراسة بشكل نهائي، وتعريض مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم للضياع بسبب تنظيمهم لأنشطة توجيهية ودراسية داخل الجامعة”.

  • الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان:

أما الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان فهي تابع في بيان لها “باستياء كبير قرار رئاسة جامعة ابن زهر وعمادة كلية العلوم بأكادير القاضي طرد ثلاثة طلبة من الدراسة بشكل نهائيّ، وتعريض مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم للضّياع، بسبب نشاطهم الطُّلّابيّ داخل الجامعة”، وطالبت الرئيس الجديد للجامعة بـ ”إرجاع الأمور إلى وضعها الطبيعي بعودة الطلبة لممارسة دراستهم وتمكينهم من اجتياز الامتحانات”.

  • الهيئة المغربية لحقوق الإنسان:

واعتبرت الهيئة المغربية لحقوق الإنسان في بيان صادر عنها بتاريخ الثلاثاء 23 شتنبر 2020، أن قرار طرد الطلبة بسبب “نشاطهم النقابي داخل الجامعة” ودون “اللجوء للمسطرة المعتمدة في مثل هذه الحالات” قرار خاطئ، داعيا إلى “إرجاع الطلبة المطرودين لمقاعد دراستهم”، وحل “المشاكل العالقة بين الطلبة وإدارة الكلية” باعتماد آلية الحوار بدل الطرد أو المقاربة الأمنية”.

  • الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان:

زار وفد من الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب- فرع أكادير صباح يوم الأربعاء 23 شتنبر 2020 معتصم الطلبة الثلاثة المطرودين.

واعتبر رئيس المكتب المحلي للجمعية بأكادير، الأستاذ عثمان لقصوبي أن قرار طرد هؤلاء الطلبة يدخل في إطار “حملة ممنهجة ضد كل من يُعبِّر عن رأيه أو انتمائه النقابي والسياسي”، مشيرا إلى أن المكان الطبيعي لهؤلاء الطلبة هو المدرجات وقاعات الدراسة، وليس أمام باب الكلية.

  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان:

بدوره التجاني الهمزاوي عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان زار المعتصم عن المجلس، من أجل الوقوف على تفاصيل الملف، في إطار مساعي حله.

  • تنسيقية أكادير ضد الحكرة:

وهي تنسيقية محلية تضم عددا من المكونات السياسية والنقابية في مدينة أكادير، سجلت أيضا تضامنها مع “المطرودين” من خلال زيارة ميدانية إلى المعتصم أمام كلية العلوم بن زهر.

      3. البرلمان:

وصلت قضية المطرود إلى قبة البرلمان مرتين، عبر سؤالين كتابيين وجهتهما حنان رحاب البرلمانية عن الفريق الاشتراكي إلى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ووزير حقوق الإنسان حول قرار طرد طلبة كلية العلوم بأكادير، مبينة فيهما أن “التعليم حق يكفله الدستور المغربي من خلال مقتضيات الفصول 31 ،32، 33 و168 من الدستور”.

وأشارت البرلمانية عبر “السؤال الكتابي” إلى أن قرار الطرد يتنافى مع كل المواثيق الدولية الضامنة لحق التعليم، ويتعارض مع فصول الدستور”، لافتة إلى أن القرار يبقى قاسيا، ولا يرقى إلى درجة حرمان الطلبة من حقهم الأساسي في متابعة دراساتهم الجامعية.

       4. أحرار وحرائر:

وقد شهد معتصم الطلبة المطرودين إضافة إلى الهيئات أعلاه زيارة العديد من الناشطين في المجال الحقوقي والنقابي تضامنا مع الطلبة الثلاث وتعبيرا عن رفضهم لاستغلال السلطة من أجل تقويض العمل النقابي وتصفية الحسابات الإيديولوجية، خاصة في فضاء جامعي من المفروض أن يحكمه الاعتبار التربوي بالدرجة الأولى.

كما كتب أساتذة جامعيون في سياق حملة واسعة، تدوينات تضامنية مع الطلبة وتنديدية بالقرار الجائر؛ وهنا نذكر على سبيل المثال:

عبد الفتاح البلعمشي أستاذ جامعي بالرباط

الحسين لعنايت أستاذ جامعي بالرباط

الزاهري محمد أستاذ جامعي بأكادير

ادريس السدراوي رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان

محمد أغناج محامي بهيئة الدار البيضاء

محمد رشيد الشريعي رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان

هاجر الريسوني محامية

محمد الزهاري ناشط حقوقي

د. محمد بن مسعود ناشط نقابي وعضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي.

عبد الرزاق بوغنبور رئيس سابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان

حسن بناجح ناشط حقوقي

عمر إحرشان أستاذ جامعي

معطي منجيب رئيس جمعية الحرية الآن

وجدير بالذكر أن الطلبة الثلاثة المطرودين يخوضون اليوم الجمعة 13 نونبر 2020، اعتصاما مفتوحا لليوم 60 على التوالي، احتجاجا على القرار التعسفي القاضي بطردهم نهائيا من الدراسة.

ولحد الآن يستمر الطلبة المطرودون الثلاثة في معتصمهم أمام بناية رئاسة جامعة ابن زهر بأكادير دون أي حل أو مراجعة للملف. فلا كشف الخرق القانوني في قرار الطرد، ولا التفاعل الحقوقي الواسع مع الملف والذي يؤكد الحيف والظلف الذي مس حق كوني ودستوري للطلبة المطرودين، ولا غضب النقابات وتضامنها، ولا الدعم الواسع من عدد من النشطاء السياسيين والإعلاميين شفع للطلبة، أو حرك ضمير المسؤولية في عميد الكلية الذي يصر على التعنت والمكابرة، عوض أن يمتلك الشجاعة ويعيد الطلاب إلى مكانهم الطبيعي ويسمح لهم باجتياز الامتحانات ومتابعة الدراسة مع بقية زملائهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *