التعليم العالي بين شعارات رسمية وواقع مرير
عندما نتحدث عن المنظومة التعليمية، فنحن بصدد الحديث عن تاريخ مليء بالبرامج الإصلاحية لأكثر من عقدين من الزمن بدون فائدة، أو بدون الوصول إلى ما سُطِّر في هذه البرامج؛ من الميثاق الوطني إلى القانون الإطار. وإذا تم الإمعان في هذه البرامج سنجد أنها لا تختلف كثيرا عن بعضها، إلا في بعض الجزئيات ولغة الصياغة. وبالتالي فالسؤال سيكون: إذا كانت الإصلاحات السابقة أبانت عن فشلها، فكيف لِلاحقتها أن تنجح، ومنهجية التنزيل لم تتغير؟
إن منطلق سؤالنا أعلاه، هو مشروع نظام البكالوريوس الذي تروج له الوزارة الوصية، كنموذج إصلاح للمنظومة التعليمية، وهو بعيد عن ذلك. لأنه، ما الفائدة منه، إن لم يقم على أسس ومقومات مشاركة جميع الفاعلين في الحقل الجامعي؛ من أساتذة وطلبة وهيئات نقابية وجمعوية ذات صلة بالجامعة، ليحصل التوافق ويسهم الجميع في التنزيل كما التقرير بكل سلاسة، لضمان نجاح المشروع الجديد.
إن الانفراد بالقرار؛ وإقصاء مختلف الفعاليات التي ستستقبل وتنزل هذا النظام البيداغوجي؛ سيؤدي بالتأكيد إلى سقوط حر – إذا صح التعبير -، وإنه لمن المؤكد اتخاذه نفس المسار الذي اتخذه نظام الإجازة؛ الذي أكدت الوزارة نفسها عدم نجاعته، وقد هللت به قبل سنوات، واعتبرته ثورة في التعليم العالي بالبلاد.
يجرنا هذا الحديث، إلى واقع الطالب المغربي، ومدى جاهزيته للانخراط في هذا الإصلاح المزعوم. الطالب المغربي اليوم في صراع حقيقي مع أبسط الظروف، التي من المفروض أن تكون عاملا مساعدا في نجاحه، وهي عكس ذلك تماما؛ تعيقه وتحول أحيانا دون إتمام الدراسة الجامعية، ناهيك عن الاستمرار في البحث العلمي.
إن الجائحة عرَّت ما كان مستورا وفاقمت الوضع وأزمته، ودعونا من “البروباغندا” الإعلامية لوزير التعليم؛ فالواقع الحقيقي هو أن الطالب لا يجد مسكنا في ظل ارتفاع ثمن الكراء، وضعف دخل الأسرة، وقلة مصادر الرزق، والإغلاق غير المفهوم للأحياء الجامعية. فـالمفروض هو فتح الأحياء الجامعية، وتخصيص منحة دراسية استثنائية للطلاب، لكن لا شيء من هذا حدث، والواقع المرير هو الحاصل والمستمر.
في ظل هذه الظروف التي يتخبط فيها واقعنا التعليمي والجامعي على وجه الخصوص، والفشل المرصود في تدبير التعليم عن بعد، ولكم أن تطلعوا على تقارير رسمية للمندوبية السامية للتخطيط وغيرها لتعلموا حجم الكارثة التي تعاني منها جامعاتنا.
الحقيقة أن الجامعة المغربية لا تتوافر على المقومات والضروريات الأساسية بعد لتنزيل نظام البكالوريوس أو غيره. فقليل من التريث وعدم الاستعجال رحمكم الله، فلن تحصدوا من الشوك العنب.
بقلم الطالب: أنس بنزيدة