في الوقت الذي كان من المفروض من المسؤولين والجهات الوصية عن التعليم بالمغرب الاستماع لأصوات الطلبة بالجامعات والتلاميذ بالمؤسسات التعليمية التي تصدح صباح مساء وتدعو لإنقاذ الجامعة والمدرسة، و لنداء كل الغيورين على وضعية التعليم المصابة بسكتة قلبية من أجل ضخ حقنة لإعادة الأمل إليه..إذ بكل المتتبعين لواقع التعليم ببلادنا تفاجئ بخطوة أقصى ما يمكن وصفها به هو أنها تعزز بالملموس استمرار الدولة في العبث بالتعليم والاستهتار بمستقبل الشباب من خلال إقدام المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على المصادقة على مشروع القانون الاطار للمنظومة التربوية المتعلق بإلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي والثانوي كآخر مسمار يدق في نعش التعليم بالبلاد.
إن استمرار الدولة في الاستهتار بمستقبل التعليم والشباب لا نكاد نمل من أنه لن يزيد الطينة إلا بلة خاصة في ظل استمرار النظام السياسي المغربي في التحكم في المشهد السياسي وفي الاستهتار بخيرات البلاد وثرواته وفي الاستفراد بالقرارات المصيرية لمستقبل الشباب مع طفح الوضع المتأزم لهذا الأخير على السطح و المتجلي في ارتفاع نسبة البطالة نتيجة إغلاق فرص ولوج الوظائف العمومية بسبب الزبونية والمحسوبية.. في مقابل ذلك المحاولة الترقيعية لأزمة التعليم من خلال التشغيل بالتعاقد كجرعة ضارة أكثر منها نافعة، حيث تكشف نفاق الدولة في التعامل بإرادة غير صادقة مع الأزمة من خلال تكوين 10000 إطار بالمدارس العليا للأساتذة ورميها للشارع بعد إنهاء تكوينها ومنح الشواهد لها، يليها فتح المجال ل11000 منصبا لتشغيل فئة لم تخضع للتكوين التربوي والبيداغوجي في مجال التعليم بل ستباشر عملها مباشرة بعد قبولهم لمدة سنتين ثم يتم رميهم للشارع..ناهيك عن السخط عن اللعبة السياسية من خلال فقدان الثقة فيها الذي تجلى بشكل ملموس في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي عرفت مقاطعة فئة كبيرة من الشباب لها نتيجة انعدام مصداقية الأحزاب في التعاطي بجدية مع قضايا الشباب، بالاضافة إلى الوضعية الخانقة للطالب داخل الجامعة من خلال ضغط الضيق الزمني للدراسة و أزمة المنهج التعليمي البيداغوجي وحرب الطالب مع الإدارة بسبب بطء الخدمات نتيجة قلة الأطر و استمرار الإدارة في نهج سياسة الأذن الصماء بالاضافة إلى تأخير المنحة باعتبارها نقطة أمل للطلبة من أجل استكمال مشوارهم الدراسي والبحثي الصعب عوض صرفها في بداية الموسم الدراسسي..كل هذا وغيره غيض من فيض لتوصيف الأزمة الخانقة والموقوتة للشباب بالمغرب والتي تنذر بحلول موجة غضب عارمة قد يصعب التحكم فيها نظرا لعمق الضرر والألم في صفوف الشباب بسبب سياسات الاستهتار والعبث واللامبالاة لمستقبلهم .
إن إلغاء مجانية التعليم وجعله ورشة للمزاد العلني لهو طامة كبرى وضرب على جراح شعب مكتوي بنيران سياسات التفقير والتجهيل والقمع والحصار والتهجين والتعطيل والطحن لمستقبل وطن بات الغموض سيد الموقف فيه، لكن أملنا في الله سبحانه عز و جل ناصر المستضعين وقاهر المتجبرين.. كبير لتغيير ما بنا يقينا منا أن الاستبداد إلى زوال سنة كونية يتبعها العدل والكرامة والحرية.
لكن التغيير يحتاج إلى المدافعة، فالباطل لا يزهق إلا بدمغه بالحق، لذلك فهذه المرحلة في حاجة أكثر مما مضى لتوحيد جهود كل الغيورين على مستقبل الوطن للاصطفاف جنبا إلى جنب ويدا في يد للتصدي للسياسات الافسادية والتخريبية بكل الوسائل الشرعية والسلمية لتفويت الفرص على الفساد والاستبداد للتحكم في رقاب العباد
بقلم: سعيد غزالة