الفهرس:
1_كرونولوجية أوطم إلى 1972.
2-الحظر القانوني 1973 والانتهازية الحزبية.
3-المؤتمر 16سنة 1979 و النقابية الإصلاحية.
4-المؤتمر 17 بين التقاء الفصائل وصراعها.
5-الحظر العملي 1981 ونتائجه .
6-الإسلاميين وإعادة الروح لأوطم .
1_كرونولوجية أوطم إلى 1972:
الحركة الطلابية جزء لا يتجزأ من المجتمع المكلوم المفَقر الذي يعاني من الظلم واستلاب حقوقه وللاستعمار حض في هذا الظلم، إذن فهي كباقي مكونات المجتمع كما أن لها ارتباط بالحركة بالوطنية التي ناضلت إلى جانبها لتحقيق استقلال إن صحت التسمية، ففي البداية كانت الحركة الطلابية قد ارتبطت بصفة عامة مع الحركة الوطنية وبشكل خاص بمقاومة أو جهاد عبد الكريم الخطابي مباشرة من القرويين وبالتالي حق لها أن تكون في هذه الفترة حركة علمية جهادية، من بعد أصبح العمل الطلابي يعرف تعددا وتنوعا في التنظيمات إذ تأسست مجموعة من الجمعيات كجمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا سنة 1927 ثم الجمعية العامة لطلاب الرباط سنة 1947 وجمعية الطلاب المغاربة في فرنسا سنة 1948 إضافة إلى إتحاد طلاب المغرب سنة 1950. وفي سنة 1956 تميزت الحركة الطلابية بدخولها في الخط النقابي فأصبحت حركة نقابية حيث تأسس الإتحاد الوطني لطلبة المغرب. فوظف هذا الأخير في سياسيا من طرف حزب الاستقلال، فعقد المؤتمر الأول لأوطم سنة 1956 فأطر من طرف حزب الاستقلال وحضر الحسن الثاني في الجلسة الافتتاحية كما أن الإعلان عن حل الجمعيات التي ذكرناها سابقا تم في المؤتمر.
كان للنظام هدف من حضوره في الجلسة الافتتاحية تمثل في احتضان الحركة الطلابية وإبعادها ما أمكن عن الوعي السياسي وأيضا محو فكرة أن التغيير يمكن أن يأتي من الطلبة وبالتالي تلقينها ثقافة الولاء والخضوع للنظام، وفي سنة 1957 ثبت أن سياسة النظام في الالتواء واحتواء هذه الحركة قد فشلت وقد تبين ذلك انطلاقا من عقد المؤتمر الثاني الذي أبان فيه الطلبة على تشبثهم بالنضال من أجل تحرير الشعب من ربقة الاستبداد، فطالب المؤتمر بإجلاء الجيوش الفرنسية والقصاص أو محاكمة العملاء. إضافة إلى تعريب التعليم، ما نستنتجه من هذه الفترة هو أن الإتحاد الوطني لطلبة المغرب كان مذعنا لاختيارات النظام لكنه كان يعيش صراعا إن لم نقل انقساما بين اتجاهين معاكسين، اتجاه مؤيد للنظام يصبوا إلى الإنفراد بالسلطة والقطع مع مسألة التعددية السياسية، عن طريق تحكيم فكرة الحزب الواحد أو تكريسها و القضاء على يساريي الحركة الوطنية ، وآخر يتزعمه نخبة من المثقفين حاملين للفكر أو الثقافة اليسارية التي تطالب بمحاربة البيروقراطية وباستقلال حقيقي، كان من قياداتها بنبركة، عمر بن جلون،حميد بن جلون، الفقيه البصري…، فتم عقد المؤتمر الثالث سنة 1958 حيث بدأت عملية القطيعة بين أوطم والنظام وأعوانه، وفي هذه الفترة انفجر حزب الاستقلال مما أدى إلى انشقاق الإتحاد الوطني للقوات الشعبية عنه سنة 1959 بقيادة بنبركة…
عقد المؤتمر الرابع سنة 1959 فعرفة هذه الفترة اندلاع ثورة الريف ومكناس إذ أبدت الجماهير الشعبية إصرارها التحرير و انكشف زيف الاستقلال المسرحي، وبحكم التوجه الذي كان باديا داخل الحكومة المرؤوسة من طرف عبد الله إبراهيم وهو من يسار حزب الاستقلال تم تغييب هذه المعركة في المؤتمر، ومن نتائج هذه المرحلة أن حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية قد نجح في تعبئة طبقة مثقفة سيكون لها حظ في تأطير الطلبة من داخل الجامعة. ومن نتائج هذه التعبئة أن معظم الجماهير الطلابية أصبحت في صفوف المعارضة كما أن اليسار نجح في تكوين قاعدة طلابية بالجامعة، ثم انعقد المؤتمر الخامس سنة 1960 ليعلن عن تقدمية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث طالب أيضا بإجلاؤ الجيوش الفرنسية وتصفية الخونة إضافة إلى عدم المطالبة بمحاربة البيروقراطية.
انعقاد المؤتمر السادس سنة 1961 سيشكل نقطة حاسمة وتاريخية توجت بانتقال المنظمة بشكل تام إلى وصاية التحاد الوطني للقوات الشعبية الذي لم يقدر على أن يؤطر الحراك الشعبي في الشارع بسبب فكره اليساري الذي يتنافى مع الثقافة المغربية، فأصبحت أوطم بذلك هي الواجهة الوحيدة له كما أنها صارت منبرا لخطاباته ومواقفه التي لم يقوى على التعبير عنها خارج أسوار الجامعة، فأزعج هذا الأمر النظام الذي تصدى له بالاعتقال والاضطهاد و محاولة مخزنة الجامعة عن طريق اقتراحه للانتخابات لكنه قوبل بالرفض التام، مما سيجعله يحاول أن يضرب الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بتأسيسه لإطار جديد (الاتحاد العام لطلبة المغرب) سنة 1962.
وفي ظل هذه الفترة المضطربة سيتم انعقاد المؤتمر الثامن سنة 1963 الذي كشفت فيه حقيقة تعامل اليسار الحركة الطلابية النقابية حيث طولب من خلاله بإسقاط النظام لأنه ضعيف ولا يقوى على تحمل المسئولية وعاجز عن حل الأزمات وهذا الموقف إن عدنا لأصله سنجده للاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
في مطلع الستينات كان المغرب يعيش أزمة خانقة على كل المستويات، من حيث سياسة التعليم العاجزة عن ضمان مستقبل الطلبة وانعدام الرؤية الواضحة للقضية التعليمية، كذلك تفاقم الأزمة الاقتصادية إذ أدت للوصول إلى مستوى الكارثة الخطيرة، وزد على ذلك انتشار العطالة والبطالة. فاشتعلت البلاد نارا وتأزمت الأوضاع وكان الطلاب خصوصا طلبة حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بحيث ان أدان الشباب الملكية ووضعوا الأحزاب السياسية موضع السؤال، لتتوج هذه الأزمة باندلاع أحداث سنة 1965 التي عرفت بتظاهرة التلاميذ الحاشدة في الدار البيضاء، فانشق صف اليسار إلى شقين “الإتحاد الوطني للقوات الشعبية_التحرير والاشتراكية”، كما أن الفكر الشيوعي الثوري المدعم من روسيا قد تصاعد في بلدان العالم العربية كل هذه الأمور أدت إلى ظهور اتجاه ثوري ك”منظمة 23مارس” التي انشقت عن الإتحاد الوطني للقوات الشعبية، و”منظمة إلى الأمام” المنشقة عن حزب التحرير والاشتراكية، كذلك التقليد للنظرية الماركوزية التي جعلت اليسار يتبنى فكرة “الطلبة الطليعة التكتيكية للثورة الديمقراطية المنشودة”، ثم تشكيل الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين من طرف منظمتي “23مارس” و “إلى الأمام” والتي تم الإعلان عنها رسميا كفصيل ماركسي لينيني في المؤتمر 14 سنة 1968، حيث اتهم هذه الجهاز أو الاتجاه (الثوري) الجناح الكلاسيكي بأنه استسلم لأمر الواقع وتصالح مع النظام.
تمت السيطرة على قيادة أوطم من طرف الجبهويون وذلك بسيطرتهم على المؤتمر 13 سنة 1969 باتخاذ قرارات من داخله بينت بوضوح المعارضة للنظام ولليسار الحزبي الإصلاحي هذه المواقف كانت تتمثل في تقرير المبادئ الأربع لأوطم ولجان الأقسام و رفع حالة الاستثناء على المستوى السياسي، وتعريب التعليم وجعله شعبي علماني ديمقراطي موحد، إضافة إلى إصدار موقف من النظام بأنه لا شعب لا وطني لا ديمقراطي.
بسبب الظروف السياسية التي مر منها المغرب سنة 1971 المعروفة بانقلاب الصخيرات تأخر المؤتمر 15 بسنة حيث عقد في عام 1972 لهذا قرر الجبهويون قيادة أوطم وانسحب الاتحاديون كتيار إصلاحي وكانت قرارات هذا المؤتمر قوية تمثلت أن الشعب الصحراوي لديه الحق في تقرير المصير وتخويل للولايات المتحدة الأمريكية محطات وقواعد عسكرية (بوقنادل، قنيطرة، سيدي يحيى)، أما بالنسبة للمستوى الاقتصادي نهج سياسة الاحتكار و الأسبقية للسياحة.
لكن هناك ملاحظة مهمة وهي أن المؤتمر 15 لا يعبر بتاتا عن مواقف المنظمة الطلابية المنسجمة مع المبادئ الأربع لأوطم.
2-الحظر القانوني 1973 والانتهازية الحزبية:
أدى انسحاب الاتحاديون التيار الإصلاحي من المؤتمر 15 وعدم تحمله لمسؤولية قرارات المؤتمر، إضافة إلى تصالح مع النظام فتح الباب أمام مشاريع النظام الاحتوائية كالإصلاح الجامعي سنة 1975 ثم نشر ثقافة الخضوع وتنشئة التلاميذ بما يهواه النظام ويخدم مصالحه نظرا لفراغ الساحة وغياب الوداديات التلاميذية.
إذن نظرا للظروف التي كلها كانت مواتية لينقض النظام على هذا الإطار الطلابي النقابي الشرعي و الوحيد أوطم جاء الحظر القانوني يوم يوم 24 يناير 1973، في هذه الظروف الصعبة والفراغ المتمثل في غياب الإطار القانوني كان اليسار الإصلاحي الحزبي يسعى إلى التصالح والدخول في السلسلة الديمقراطية.
3-المؤتمر 16سنة 1979 و النقابية الإصلاحية:
المؤتمر 16 شكل نقطة تاريخية سطرت في تاريخ الحركة الطلابية المغربية لأنه وضع مقررات الخط النقابي الواضح حيث ضرب مواقف المؤتمر15 وهمشها وقبول شروط النظام السلم الاجتماعي ثم الإجماع على الوحدة الترابية الوطنية هذا في الجانب السياسي، أما الجانب النقابي فقد تم تكريس المقررات النقابية الحزبية الضيقة التي تحكمها المكاتب الحزبية الراضية بأنصاف الحلول والمثبطة لنضال الجماهير.
- يمكن أن نقول على أن اليسار الثوري لم يكن مختفيا في المؤتمر رغم أسلوبه الجديد، لكنه التزم بضرورة إنجاح المؤتمر رغم بيروقراطيته لاستمرار الحركة الطلابية التي ليس له منبر غيرها يمر منه طروحاته.
4-المؤتمر 17 بين التقاء الفصائل وصراعها
بصف الاتحاد الاشتراكي هو الذي يمثل الأغلبية في اللجنة التنفيذية عجز من حيث الإمكانيات المادية لعقد المؤتمر إضافة إلى تأزمه الداخلي فكان هذا هو السبب الرئيسي الذي فجر المؤتمر 17، إذن هنا أصبحت الفصائل والقاعديين يريدون السيطرة وفرض الفكر أو الخط الثوري من جديد عن طريق اعترافهم بالجناح المعارض داخل الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ومن تم انسحاب المكتب السياسي صاحب اللجنة التنفيذية، فاستفرد القاعديين و “رفاق الشهداء” الجناح المنفصل داخل قاعة المؤتمر وتم الانهيار والفشل الذي لا مفر منه في هذه الظرفية.
5-الحظر العملي 1981 ونتائج
كان فشل المؤتمر 17 مربحا للنظام حيث فرض على الحركة الطلابية الحظر العملي الذي كان من نتائجه أن أنزلت بنود الإصلاح الجامعي وتفكيك هياكل الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بسبب الصراعات الفصائلية وغياب الهيكلة، غياب الوعي النقابي والسياسي المطلوب في صفوف الطلبة، لكن رغم هذه النتائج لم يمنع ذلك من ظهور جسم طلابي حي مملوء بالحيوية متمثل في الإسلاميين وهذا ما سنتطرق له في المحور الموالي.
6-الإسلاميين وإعادة الروح لأوطم
من خلال ما سبق نستنتج على أن الإتحاد الوطني لطلبة المغرب قد دخل في مرحلة “التيه” التي عجز اليسار على أن يخرجوه منها وبقي على حاله إلى أن دخل الإسلاميين وبادروا غلى ملء الفراغ داخل الساحة المغربية وكان ذلك في مطلع التسعينيات، في سنة 1991 أعلن عن تأسيس فصيل طلبة العدل والإحسان، وفي فبراير من سنة 1992 عن تأسيس فصيل الطلبة التجديديين التابع لحركة التوحيد والإصلاح هذا الفصيل الذي حمل بعد ذلك اسم طلبة الوحدة والتواصل، وتلاهما طلبة الميثاق، هذه الفصائل لم تضع نفسها خارج الإطار الشرعي، الأمر الذي رفضته الفصائل التي تنسب لنفسها (الشرعية التاريخية)، المتمثلة في آخر مؤتمر لأوطم، لكن في الأخير الفصيل الوحيد الذي حافظ على الإطار النقابي واستمر في تجديد هياكله رغم مكر وكيد الكثير من الفصائل وكذلك المخزن هو فصيل طلبة العدل والإحسان.
بقلم سعد الزين.