الرئيسيةرأي حر

إنه رسول الله ﷺ وكفى 

محبته صلى الله عليه وسلم
مقامه صلى الله عليه وسلم
الفرح بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم
                                                          

بقلم : عبد اللطيف إدريسي
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وإخوانه وحزبه 
وبعد،
تحل علينا ذكرى من أعظم الذكريات التي تحتفل بها الأمة الإسلامية.. ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أشرق الكون كله بمولده صلى الله عليه وسلم والذي قال عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين ﴾ (الأنبياء:107).. فهو صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة: هو الرحمة المهداة لهذه الأمة المباركة.. والرحمة المهداة للعالم وللبشرية جمعاء .. فالحديث عنه صلى الله عليه وسلم حديث كل مناسبة… حديث المؤمن عنه في كل زمان و مكان؛ فهو صلى الله عليه وسلم البشير النذير، والسراج المنير، والرؤوف الرحيم بأمته، العطوف الحريص عليها.. لا إله إلا الله محمد رسول الله، مهما قلنا عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لن نوفيه حقه، إنه رسول الله و كفى.
 
محبته صلى الله عليه وسلم:
 
اذا كنا ندعي فعلا أو نقول أننا نحب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن هذه المحبة تقتضي عدة شروط وآداب لا بد من الوقوف عليها والعض بالنواجذ عليها، ومن بينها:
 
1.اتباع سنته صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (آل عمران:31 ). قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة اللّه، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ)(رواه مسلم). ولنا أن نعرف أن كل ” قل ” إنما جاءت في القرآن كدليل على أن ما سيأتي من بعدها هو بلاغ من الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، بلاغ للأمر وللمأمور به.
 
2.الإطلاع على شمائله صلى الله عليه وسلم، فقد حلَّاه الله تبارك وتعالى بأكمل الشمائل وأطيب الخصال وأطيب النعوت – صلوات الله وسلامه وبركاته عليه- وحاجة الأمة – إلى معرفة شمائله والوقوف على خصائصه والاطِّلاع على سيرته أشد الحاجات وأعظم الضرورات، فلا يمكن لشخص أن يحب شخص دون أن يعرف خلقه، أوصافه، أقواله، وأفعاله،..  وإذا كان الله جل وعلا قد قال في القرآن الكريم في شأن الكفار﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ (المومنون:69) أي أنهم لو عرفوا شمائله وخصاله وصفاته لآمنوا به واتبعوه ؛ فمعرفة شمائله يتحقق بها الإيمان لمن لم يؤمن إذا كتب الله له ذلك ، فكيف الشأن بنا نحن..؟
3.الإكثار من ذكره صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، لأن الله عز وجل أمرنا بذلك في كتابه العزيز، حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ (الأحزاب:56). قال ابن كثير رحمه الله: “المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه تصلي عليه الملائكة ثم أمر الله تعالى العالم السفلي بالصلاة والسلام عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً”. إن الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم لمن أقرب القربات وأعظم الطاعات، وعلامة على محبة العبد المؤمن لله تعالى الذي أمر بذلك، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ونيل القرب منه وتحقيق الوصل والصحبة للجناب الشريف صلى الله عليه وسلم.
وللصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عدة صيغ نذكر منها:

  • أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بلى فأهدها إلي فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله علمنا كيف نسلم؟ قال: “قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد”.
  • وذكر ابن حجر أن الإمام النووي رحمه الله صوب ذلك في الروضة، وذكر كيفيات أخرى يحصل بها البر في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الصلاة بالمكيال الأوفى، فقال: “والذي يرشد إليه الدليل أن البر يحصل بما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سره أن يكال له [وفي لفظ يكتال] بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: “اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد”

وغيرها من الصيغ التي لا يسع المقام لذكرها..
 
 
مقامه صلى الله عليه وسلم:
 
إن يوم القيامة هي دار الحقائق الواضحة والمنكشفة، ولعل من أروع مواقف الرحمة في هذا اليوم هو موقف الشفاعة لعموم الخلائق كي يحاسبوا.. فقصة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أن: كل نبي مرسل، وكل نبي مصطفى وكل ولي مقرب لا تحصل له شرف أن يستأذن على الله في الخلق.. جاءوا إلى سيدنا آدم، ونوح، وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء فيقول كل نبي لهم “لست لها” إلا النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: “أنا لها”.وقد صَوَّر لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حالَ الناس في ذلك الموقف أبلغ تفسير في حديث الشفاعة الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنْ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَ، فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنْ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورً، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي  قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي،…(إلى أن يصلو إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون): يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى” رواه البخاري ومسلم.
فهذه –والله- رحمة عظيمة: إنه يقوم بما أَبَى الأنبياء أن يقوموا به، ثم عند الطلب، لم يقل: نفسي نفسي، إنما قال: يا رب أمتي ويكررها ثلاثًا لإبراز مدى حرصه عليها!
 
فانظر-رحمك الله- إلى هذه الدرجة الرفيعة، وإلى هذا المقام المحمود، وإلى هذا الحرص العجيب من رسولنا على مَنْ فعل الموبقات كله، ولم يكن في صدره سوى مثقال حبة من خردل من الإيمان!!
 
 
 
 
الفرح بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم:
 
يقول الله عز وجل: ﴿ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ﴾ (يونس:58) من أعظم النعم التي تستوجب منا شكرا دائما وفرحا متواصلا الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم، كيف لا ومن حقه على أمته أن تحتفل به دائما وهم في هذه المناسبة الكريمة والذكرى العطرة إنما يعبرون عن حبهم وفرحتهم وإكبارهم لهذا النبي العظيم الذي منّ الله به على المومنين وأرسله رحمة للعالمين وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وهذا الاحتفال يمثل جانبا ضئيلا مما يجب في حقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صادق الحب وكبير الفرحة بميلاده الذي هو ميلاد الخير والهدى والسعادة والنور.. وتتجلى هذه الفرحة في:
 

  • أن الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يمتد ليشمل الفرح بكتاب الله عز وجل قراءة وحفظا وعملا، حتى نكون كما كان رسول الله، كان خلقه القرآن، كان قرآنا يمشي على الأرض.
  • أن برهان محبته صلى الله عليه وسلم اتباعه والعض بالنواجذ على سنته.
  • أن الفرح برسول الله فرصة لتجديد اليقين في الله وفي موعود الله.
  • أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف لا وقد انتفع به الكافر؛ ففي السيرة النبوية أن أبا لهب قد جوزي بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين بسبب إعتاقه ثويبة لما بشّرته بولادته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي ذلك يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي:

 
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه ** وتبّت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما ** يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره ** بأحمد مسرورا ومات موّحدا
 
ومهما قلنا عن رسول الله وعن شمائله فلن نوفيه حقه. إنه رسول الله وكفى.
 
 
نسأل الله تعالى أن يرزقنا اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره، حتى تتحرر إرادتنا ويتجدد الإيمان في قلوبنا، ونكون من الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وأستغفرالله العظيم والحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرئيسيةرأي حر

إنه رسول الله ﷺ وكفى 

محبته صلى الله عليه وسلم
مقامه صلى الله عليه وسلم
الفرح بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم
                                                          

بقلم : عبد اللطيف إدريسي
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وإخوانه وحزبه 
وبعد،
تحل علينا ذكرى من أعظم الذكريات التي تحتفل بها الأمة الإسلامية.. ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أشرق الكون كله بمولده صلى الله عليه وسلم والذي قال عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين ﴾ (الأنبياء:107).. فهو صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة: هو الرحمة المهداة لهذه الأمة المباركة.. والرحمة المهداة للعالم وللبشرية جمعاء .. فالحديث عنه صلى الله عليه وسلم حديث كل مناسبة… حديث المؤمن عنه في كل زمان و مكان؛ فهو صلى الله عليه وسلم البشير النذير، والسراج المنير، والرؤوف الرحيم بأمته، العطوف الحريص عليها.. لا إله إلا الله محمد رسول الله، مهما قلنا عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لن نوفيه حقه، إنه رسول الله و كفى.
 
محبته صلى الله عليه وسلم:
 
اذا كنا ندعي فعلا أو نقول أننا نحب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن هذه المحبة تقتضي عدة شروط وآداب لا بد من الوقوف عليها والعض بالنواجذ عليها، ومن بينها:
 
1.اتباع سنته صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (آل عمران:31 ). قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة اللّه، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ)(رواه مسلم). ولنا أن نعرف أن كل ” قل ” إنما جاءت في القرآن كدليل على أن ما سيأتي من بعدها هو بلاغ من الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، بلاغ للأمر وللمأمور به.
 
2.الإطلاع على شمائله صلى الله عليه وسلم، فقد حلَّاه الله تبارك وتعالى بأكمل الشمائل وأطيب الخصال وأطيب النعوت – صلوات الله وسلامه وبركاته عليه- وحاجة الأمة – إلى معرفة شمائله والوقوف على خصائصه والاطِّلاع على سيرته أشد الحاجات وأعظم الضرورات، فلا يمكن لشخص أن يحب شخص دون أن يعرف خلقه، أوصافه، أقواله، وأفعاله،..  وإذا كان الله جل وعلا قد قال في القرآن الكريم في شأن الكفار﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ (المومنون:69) أي أنهم لو عرفوا شمائله وخصاله وصفاته لآمنوا به واتبعوه ؛ فمعرفة شمائله يتحقق بها الإيمان لمن لم يؤمن إذا كتب الله له ذلك ، فكيف الشأن بنا نحن..؟
3.الإكثار من ذكره صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، لأن الله عز وجل أمرنا بذلك في كتابه العزيز، حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ (الأحزاب:56). قال ابن كثير رحمه الله: “المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه تصلي عليه الملائكة ثم أمر الله تعالى العالم السفلي بالصلاة والسلام عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً”. إن الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم لمن أقرب القربات وأعظم الطاعات، وعلامة على محبة العبد المؤمن لله تعالى الذي أمر بذلك، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ونيل القرب منه وتحقيق الوصل والصحبة للجناب الشريف صلى الله عليه وسلم.
وللصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عدة صيغ نذكر منها:

  • أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بلى فأهدها إلي فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله علمنا كيف نسلم؟ قال: “قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد”.
  • وذكر ابن حجر أن الإمام النووي رحمه الله صوب ذلك في الروضة، وذكر كيفيات أخرى يحصل بها البر في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الصلاة بالمكيال الأوفى، فقال: “والذي يرشد إليه الدليل أن البر يحصل بما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سره أن يكال له [وفي لفظ يكتال] بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: “اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد”

وغيرها من الصيغ التي لا يسع المقام لذكرها..
 
 
مقامه صلى الله عليه وسلم:
 
إن يوم القيامة هي دار الحقائق الواضحة والمنكشفة، ولعل من أروع مواقف الرحمة في هذا اليوم هو موقف الشفاعة لعموم الخلائق كي يحاسبوا.. فقصة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أن: كل نبي مرسل، وكل نبي مصطفى وكل ولي مقرب لا تحصل له شرف أن يستأذن على الله في الخلق.. جاءوا إلى سيدنا آدم، ونوح، وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء فيقول كل نبي لهم “لست لها” إلا النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: “أنا لها”.وقد صَوَّر لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حالَ الناس في ذلك الموقف أبلغ تفسير في حديث الشفاعة الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنْ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَ، فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنْ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورً، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي  قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي،…(إلى أن يصلو إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون): يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى” رواه البخاري ومسلم.
فهذه –والله- رحمة عظيمة: إنه يقوم بما أَبَى الأنبياء أن يقوموا به، ثم عند الطلب، لم يقل: نفسي نفسي، إنما قال: يا رب أمتي ويكررها ثلاثًا لإبراز مدى حرصه عليها!
 
فانظر-رحمك الله- إلى هذه الدرجة الرفيعة، وإلى هذا المقام المحمود، وإلى هذا الحرص العجيب من رسولنا على مَنْ فعل الموبقات كله، ولم يكن في صدره سوى مثقال حبة من خردل من الإيمان!!
 
 
 
 
الفرح بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم:
 
يقول الله عز وجل: ﴿ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ﴾ (يونس:58) من أعظم النعم التي تستوجب منا شكرا دائما وفرحا متواصلا الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم، كيف لا ومن حقه على أمته أن تحتفل به دائما وهم في هذه المناسبة الكريمة والذكرى العطرة إنما يعبرون عن حبهم وفرحتهم وإكبارهم لهذا النبي العظيم الذي منّ الله به على المومنين وأرسله رحمة للعالمين وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وهذا الاحتفال يمثل جانبا ضئيلا مما يجب في حقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صادق الحب وكبير الفرحة بميلاده الذي هو ميلاد الخير والهدى والسعادة والنور.. وتتجلى هذه الفرحة في:
 

  • أن الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يمتد ليشمل الفرح بكتاب الله عز وجل قراءة وحفظا وعملا، حتى نكون كما كان رسول الله، كان خلقه القرآن، كان قرآنا يمشي على الأرض.
  • أن برهان محبته صلى الله عليه وسلم اتباعه والعض بالنواجذ على سنته.
  • أن الفرح برسول الله فرصة لتجديد اليقين في الله وفي موعود الله.
  • أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف لا وقد انتفع به الكافر؛ ففي السيرة النبوية أن أبا لهب قد جوزي بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين بسبب إعتاقه ثويبة لما بشّرته بولادته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي ذلك يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي:

 
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه ** وتبّت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما ** يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره ** بأحمد مسرورا ومات موّحدا
 
ومهما قلنا عن رسول الله وعن شمائله فلن نوفيه حقه. إنه رسول الله وكفى.
 
 
نسأل الله تعالى أن يرزقنا اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره، حتى تتحرر إرادتنا ويتجدد الإيمان في قلوبنا، ونكون من الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وأستغفرالله العظيم والحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium