بعد الاستقلال المزعوم سعى النظام المغربي إلى جعل الجامعة مؤسسة تسير طبقا لتوجهه تهلل لمخططاته التخريبية، لكن خروج النقابة الطلابية عن سيطرة حزب الاستقلال و تبنيها لأفكار اليسار الثوري سيدخلها في صراعات قوية مع آلة المخزن القمعية ، لتتوالى ضربات المخزن مستغلة بذلك أخطاء اليسار الذي ساعده على حضر النقابة عمليا و قانونيا في 1973 و 1981 على التوالي ، حيت جاء الحضر الأول نتيجة لمبالغة النقابة في مؤتمرها 15 في تبني مخرجات لا تتناسب مع الوضع السائد و كذا تبني مواقف سياسية غير نابعة من الجماهير الطلابية أعطت بذلك المخزن ذريعة لحضر النقابة “المزعجة” مما قد يبدو مؤامرة من يسار تلك الفترة لفتح المجال أمام المخزن لضرب أوطم ، بعد ذلك سيحاول النظام إسترجاع المنظمة النقابية من خلال تقوية الفصائل الإصلاحية على حساب الثورية فقرر رفع الحضر القانوني سنة 1979 ليعقد المؤتمر 16 و يخرج بمقررات تخص الجوانب التنظيمية و التصورية للمنظمة . سيعقد بعد ذلك المؤتمر 17 سيتم افشاله بعد انسحاب الطلبة الاتحاديين مما سيدخل المنظمة في فراغ تنظيمي سيستمر قرابة عشر سنوات ستدخل بعدها الفصائل الإسلامية حيز الوجود و ستعلن عن نفسها تباعا فصيل طلبة العدل و الإحسان 1991 و الوحدة و التواصل 1992 . وجود الإسلاميين داخل الجامعية لم يكن مرغوب فيه من طرف اليسار العاجز المتآكل الذي جعل من الساحة الجامعية قطعة أرضية يملكها بحكم شرعيته التاريخية و التي دافع عنها بالسيف و الدماء ، بعد أن أعلن اليسار الساحة ملكا له سارع لمهاجمة فصيل طلبة العدل و الإحسان بالقوة من خلال منع أعضائه من التكلم داخل حلقات النقاش بل و وصل الحد ببعض اليسار بجامعة محمد بن عبد الله بفاس إلى إعلان ما سموه “آخر يوم لدخول ملتحي و محجبة للحي الجامعي ضهر المهراز “
رغم إصرار بعض اليسار على اجتثاث وجود الفصائل الإسلامية من الجامعة باشر فصيل طلبة العدل و الإحسان مسيرة محاولة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على أرضية المؤتمر 16 باعتباره آخر مؤتمر ناجح لاوطم من خلال الشروع في تشكيل التعاضديات، التجربة التي عرفت النور لأول مرة مع المناضل الإوطامي حسن بناجح بكلية الآداب بالجديدة و التي شاركت فيها فيها بعض الفصائل اليسارية و فصيل الوحدة و التواصل في البداية لينسحبو بعد ذلك بقرار سياسي ، ثم تجربة اللجان الانتقالية التي عرفت النور في العديد من المواقع خلال بداية التسعينات ليلي ذلك هيكلة مكاتب الفروع ثم لجنة التنسيق الوطني سنة 1999 التي جائت نتيجة لعشر سنوات من التضحية و النضال التي قدمها مناضلو فصيل طلبة العدل و الإحسان الذين تشبتوا بخيار الهيكلة في حين تباينت خيارات الفصائل الطلابية الأخرى فاختارت الوحدة و التواصل خيار غير أوطم فأسست منظمة التجديد الطلابي كإطار مدني يجسد خيارا سياسيا يوازي خيار التوحيد و الإصلاحي الإصلاحي الذي يتبنى أطروحة النظام و رغم ما تم التأكيد عنه في المؤتمر التأسيسي أن هذا الخيار لا يمثل بديلا عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إلا ان الممارسة داخل الساحة أثبتت ما تم نفيه سابقا . أما اليسار فمنهم من فقد تواجده داخل الساحة الجامعية و منهم من انحصر تواجده داخل بعض المواقع الجامعية دون أخرى ، الشيئ الذي جعل إمكانية مشاركته في هيكلة أوطم سواء بدعوة من فصيل معين أو أن يقود هو تحدي الهيكلة صعبا الى مستحيل، و هذا ما أكده أحد قيادات اليسار في التسعينات و هو اوفقير حين صرح بالقول “أن اليسار لو كانت له القدرة على هيكلة أوطم لما تردد في ذلك” مما يبدد مقولة أن فصيل طلبة العدل والإحسان سيطر على أوطم فخيار الهيكلة شاركت فيه فصائل طلابية أخرى لينسحبوا بعد ذلك ، لذلك فصيل طلبة العدل والإحسان ليس مسؤولا عن عن تصرفات الفصائل الأخرى بقدر ما هو مسؤول عن القيام بواجب المبادرة لرفع الحضر عن أوطم و فتح باب الحوار من أجل جمع شتات الحركة الطلابية .
إستطاع فصيل طلبة العدل و الاحسان منذ بداية التسعينات أن يعيد نقاش الهيكلة و عقد المؤتمر إلى الواجهة و شكل ضهوره إلى جانب فصائل اسلامية أخرى قيمة مضافة للساحة الجامعية حيت إحتدم النقاش داخل الحلقات و عرفت المواقع الجامعية بدون إستثناء وجودا عدديا مهما لمناضلي فصيل طلبة العدل و الاحسان ، كما أن الجماهير الطلابية مالت بشكل ملحوض للطرح الاسلامي القويم الذي يتناسب و هوية الشعب ، و إستطاع الفصيل (الى حد ما) أن ينهي سنوات من نقاش يساري مادي يضرب في بعض الاحيان في الهوية الاسلامية و يسفه التقاليد. فإلتف بذلك الطلبة حول هياكل أوطم المشكلة في التسعينات و أصبحت جل النضالات الطلابية تدار بمعية الهياكل الأوطامية المنتخبة ، إختار بعدها اليسار الرجوع للوراء بفعل عدم قدرته على المواجهة الانتخابية ثم بفعل نفور الطلبة من خطاباته التي أصبحت من الماضي و لم يعد لها أي مصداقية أو قابلية لدى الجماهير خصوصا بعد دخول أطراف سياسية معروفة في السابق بالممانعة لعبة المخزن.
بقلم : عبد الرزاق العسراوي