حارة المغاربة.. الحق المنسي
عندما نسير مقبلين إلى القدس العتيقة بقلوب كلها عشق و حنين،يشدنا شوق إلى تاريخ هذه المدينة العريقة التي ليست كسائر المدن.
حارة المغاربة أو باب المغاربة،كانت حارة في جنوب شرق البلدة القديمة لمدينة القدس بجوار حائط البراق، و تشير المصادر التاريخية إلى تلك الوفود الكبيرة من أهل المغرب التي كانت تقصد تلك الديار إما للتبرك بزيارة ثاني القبلتين و ثالث الحرمين،و إما طلبا للعلم أو من أجل النصرة و الجهاد.
يعود تاريخ إقامة المسلمين في القدس إلى سنة 296هجري 909 ميلادي عندما قدموا مع القائد جوهر السقلي إلى القاهرة و من ثم إلى القدس،و قد ازداد عددهم إلى هذا الحائط بعد تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله سنة 583هجري 1187 ميلادي، و ذلك رغبة منهم في مجاورة المسجد الأقصى، أو القيام على خدمته، و لهذا قام الأفضل نور الدين بن صلاح الدين الأيوبي بوقف تلك البقعة من الأرض التي اعتاد المغاربة أن يقيموا عليها عند حائط البراق، و أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم إلى حد الآن،و عندما سئل صلاح الدين الأيوبي لماذا أكرمت أهل المغرب بهذا النزل الكريم؟ قال إنهم أهل الثغور، أي أمناء على هذا المسجد.
عرف باب أوحارة المغاربة في مطلع الاسلام بباب اليماني،فهو الذي دخل منه النبي صلى الله عليه و سلم حين أسري به إلى المسجد الأقصى،و قد نقل العالمي رواية الإسراء بقوله: ” ثم انطلق بي جبريل حتى دخلت المدينة من بابها اليماني أي الجنوبي،فأتى قبلة المسجد فربط بها البراق، و دخلت المسجد من باب تميل فيه الشمس و القمر”. و يضيف قائلا:” قال مؤقتوا بيت المقدس لا نعلم بابا بهذا الصفة إلا باب المغاربة “.
بعد عدوان حزايران عام 1967 لم تنتظر قوات الاحتلال الصهيوني قليلا و شرعت بهدم حارة المغاربة التاريخي في القدس بأكمله، و التي عرفت عبر التاريخ أنها من أقدم حارات القدس الأثرية ، وكان مجموع المباني التي جُرفت آنذاك 135 بناءً أثريا، كما أخرج كل من فيه من المغاربة بالقوة بعد انذار دام ساعتين فقط و هدموا جميع المباني.
و اليوم تشهد الاراضي الفلسطينية انتفاضة مباركة، انتفاضة كاملة الأوصاف ومطابقة للمعايير القياسية، هي ثورة شعبية ضد الاحتلال، أعادت توحيد الأرض والإنسان والوجدان في فلسطين، بعد سنوات عجاف من الشلل السياسي والوطني الكامل.. باختصار هذه هي الانتفاضة الفلسطينية الثالثة.
يتدفقُ الدمُ الفلسطينيُ مجدداً بكل كرم وسخاء ليغسل عار هذه الأمة، التي تركت نساء فلسطين وحدهن يدافعن عن المسجد الأقصى، ويقفن في وجه عدوان الاحتلال، في مشهد لا يمكن قراءته إلا في إطار «أزمة الرجولة» في العالم العربي.. ذلك العالمُ العربي الذي تنشغل جيوشه اليوم في قتل وقمع شعوبه، وينشغل حكامه في العض على كراسيهم بأيديهم وأرجلهم وأسنانهم وكل ما يمتلكون من قوة وجبروت.
تماشيا مع هذه الانتفاضة المباركة، ينعقد ملتقى القدس في دورته الثالثة،و يأتي في ظروف صعبة و تحديات كثيرة تعيشها الأمة العربية و الاسلامية، والمتمثلة في تضييق الخناق على قطاع غزة المحاصر بهدم الأنفاق و ارتفاع وثيرة التهويد بالقدس وكذا الاقتحامات المتكررة لتجنيس المسجد الأقصى.
شعار هذه الدورة “حارة المغاربة… الحق المنسي“، و يهدف إلى التوعية و إلى تنوير الشعب المغربي عامة، و الرأي الطلابي خاصة بأهم التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، كما يهدف إلى تقديم الدعم المعنوي لإخوتنا في قطاع غزة و في فلسطين و في القدس المحتلة كتعبير بأن القضية هي قضية أمة ،و قضية مركزية لا يمكن أن تنسى، ستبقى حية و يقظة في قلوبنا و ضمائرنا، و هي من صلب إهتمامنا في الهيئة الطلابية المغربية لنصرة قضايا الأمة، و لن نألوا جهدا في نصرتها و الدفاع عنها .
من هذا المنبر نرفع تحية إجلال و إكبار للمرابطين في المسجد الأقصى المبارك و في كل بقاع فلسطين،و نسأل الله تعالى يرحم شهداء الإنتفاضة و أن يعجل بإطلاق سراح المعتقلين و الأسرى.
الطالب لحسن عيا:
مسؤول لجنة قضايا الأمة و التضامن بأوطم