في ظل التحديات الكبرى التي تواجه أمتنا الإسلامية، تبرز قضية فلسطين كقضية مركزية ليست فقط للشعوب العربية والإسلامية، بل للإنسانية جمعاء، ومع طوفان الأقصى، أصبحت المواقف واضِحة لا رمادية فيها، السائرون على طريق الحق ظاهِرون، والمصطفون خلف الباطل كذلك..
وقد كانت المعركة التي شهدتها أرض العزة والفِداء في العام المنصرم اختبارا حاسما لكل فرد وجماعة ودولة، فهناك من أعلن دعمه وتضامنه مع معركة طوفان الأقصى المجيدة، وأصبح جزءا من ملحمة المقاومة العظيمة التي كانت ولا تزال تسجل مواقف البطولة، وتعلم العالم دروس الصمود في وجه الطغيان والاستبداد والاحتلال، وهناك من اختار الانحياز للباطل، متناسيا القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، ليضع بذلك اسمه في سجل الخزي والخذلان، راضيا بأن يكون شاهدا صامتا وداعما للاحتلال والطغيان.
دور طلبة المغرب في نصرة القضية المركزية:
لم تكن قضية فلسطين مجرد شعار رنّان يرفعه طلبة المغرب، بل كانت أمانة جسّدوها وهم خيرة شباب هذا الوطن بجهودهم وأعمالهم الميدانية، من داخل الجامعات والكليات، لتنبثق بهم إرادة صلبة تعكس التزاما عميقا، جذوره ممتدة امتداد الاتحاد في التاريخ، اتجاه المسجد الأقصى وكل ربوع فلسطين، ولتُصبح بفعلهم الجامعات المغربية منارات للوعي وساحات لإعادة البوصلة للاتجاه الأصوب..
ومن خلال التقرير المصور الذي قدمه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لأول مرّة، أثبت هذا الأخير أنه ليس مجرد منظمة نقابية، بل قلعة للنضال وقوة تغيير حقيقية، فعلى مدار عام كامل، نظم مناضِلوه 457 نشاطا وفعالية داخل مختلف الكليات والجامعات المغربية، تنوعت بين ندوات علمية تناولت القضية الفلسطينية من زوايا تاريخية وقانونية وسياسية، وسلطت الضوء على أبعادها الحقيقية، ثم مسيرات تضامنية حاشدة جسدت وحدة الصف الطلابي، وإسنادهُ المستمر للشعب الغزاوي والفلسطيني، زيادة على وقفات احتجاجية رفعوا من خلالها صوت الرفض لكل أشكال التضييق والتطبيع والقمع، ثم إضرابات شاملة كانت تعبيرا عمليا عن رفض الظلم، واحتجاجا ضد الجرائم والمجازر المستمرة في حق المدنيين العزل في المدينة المحاصرة..
كما لم تقف الأنشطة عند حد التعبير عن التضامن، بل تجاوزته إلى غرس روح المقاومة في الساحة الطلابية، فلم تغب عن جميع الأنشطة التي نظمها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب محليا ووطنيا، حلقات نقاشية وورشات تصبُو لزيادة الوعي بالقضية المركزية ورفع شعارات الدعم والنصرة والإسناد وسط الجماهير الطلابية..
لكن رغم كل هذه الجهود، طالت يد من يبتغون اجتثاث الفعل النضالي مناضلي الاتحاد، وواجه الطلبة تضييقا ومحاولات قمع متعددة، لكنهم أظهروا عنادا وإصرارا منقطع النظير، رافضين أن ينال أحد من عزيمتهم، فقد كان صوتهم واضحا، ومعبرا على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية يستفرد بها شعب دون الآخر، بل قضية أمة بأسرها، وأقل ما يمكن تقديمه أن لا يتوقف دعمها مهما بلغ الثمن الذي يجب أن يُدفع..
بهذه الروح النضالية، تحول الطلبة إلى حماة للقضية، يجددون العهد بأن تظل فلسطين حاضرة في الوجدان الطلابي المغربي، حتى يتحقق النصر وتشرق شمس الحرية على أرضها الطاهرة..
عام من الدعم والنصرة والإسناد:
شعار وضعه الاتحاد الوطني الطلبة المغرب كعنوان للتقرير المصور حول التفاعل الطلابي مع معركة طوفان الأقصى المجيدة، ليكشف من خلاله أن هذه الأخيرة شاهدة على التزام طلبة المغرب بقضيتهم المركزية، وإن منظمتنا العتيدة تدرك أن الواجب نحو فلسطين وأهلها يتجاوز التفاعلات المتواضعة التي شهدناها خلال العام المنصرم، وأن ما تحقق من إنجازات ما هو إلا مُستهل الطريق، لواجبٍ أكبر وغير محصوره تفرضه الأخلاقيات والإنسانية والدّين.
لهذا فإن معركة طوفان الأقصى ليست مجرد حدث عابر، بل محطة تاريخية في مسار طويل من النضال، أكد الطلبة من خلالها أنه لا مجال للتوقف عن دعم فلسطين حتى يتحقق النصر الكامل، وحتى ينال شعبها حقه المشروع في الحرية والكرامة..
فتحية عالية من داخل إطارنا العتيد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وعاشت منظمتنا منظمة نقابية مناضلة ومدافعة عن قضايا الأمة، ورحم الله شهداء غزة وفلسطين الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن مقدسات هذه الأمة.