تطور التفاعل الطلابي مع القضية الفلسطينية في العشر سنوات الأخيرة
دأب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ سنوات على تبني القضايا العادلة ونصرة قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. إذ أكد على ثبات مواقفه تجاه القضية دون مساومة أو تقاعس، وحرص كل الحرص على دعم الشعب الفلسطيني الباسل في مسيرته النضالية من أجل استرجاع أراضيه المحتلة. هذا فضلا عن تنظيمه أنشطة وطنية ومحلية تروم التعريف بالقضية الفلسطينية وتعزيز التضامن معها، وكذا إبراز دور الطالب المغربي في دعمها ومناصرتها.
فالجدير بالذكر أن التفاعل الطلابي مع القضية الفلسطينية خلال عشرالسنوات الأخيرة تطور بتطور وتغير أحداث القضية، سواءا على المستوى الوطني أو الدولي. فكان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب السباق للتفاعل مع كل المستجدات المتعلقة بالقضية، بل وكان الرافض الأكبر لتطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني، والمتصدي الأول للتطبيع الجامعي. وبإمكاننا تقسيم هذه السنوات العشر إلى ثلاث مراحل تبرز التفاعل الطلابي مع قضيتنا المركزية تماشيا مع سياق كل مرحلة:
مرحلة ما قبل التطبيع:
استمر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خلال هذه المرحلة في دعمه اللامشروط للقضية الفلسطينية؛ تفاعلا مع مختلف المعارك التي دارت بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية (معركة العصف المأكول، معركة صيحة الفجر، ومعركة سيف القدس)، تنديدا بكل الجرائم التي يتعرض لها الفلسطينيون، ورفضا لكل اقتحام وتدنيس للمسجد الأقصى وتضييق على المرابطين والمرابطات. كما أدان الاتحاد قرار ترامب سنة 2017 بجعل القدس المحتلة عاصمة ل “إسرائيل”، واعتبره قرارا انفراديا متهورا، ودعا الجماهير الطلابية للتعبير عن السخط الطلابي نحو هذا الإعلان والذود عن مقدسات الأمة. هذا بالإضافة إلى تمسكه بتنظيم ملتقى القدس كل سنتين رغم التضييق والحصار، الأمر الذي يقر أن القضية الفلسطينية حية في نفوس الطلبة رغم تكالب الاستكبار العالمي الصهيوني، وأضحت نقطة قارة ضمن البرنامج النضالي للاتحاد وستظل أمانة على عاتقه يحملها جيل بعد جيل.
مرحلة ما بعد التطبيع:
كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كغيره من الغيورين على القضية الفلسطينية وأصحاب الضمائر الحية في هذا الوطن موقف جاد وصارم تجاه الإعلان الرسمي لتطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني الذي صدر يوم الخميس 10 دجنبر 2020؛ بحيث رفض رفضا قاطعا أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الغاصب، وحمل على عاتقه مسؤولية وأمانة التصدي لكل الخطوات التطبيعية التي تستهدف الطلبة والجامعة المغربية. فأطلق حملة وطنية تحت شعار “طلاب المغرب ضد التطبيع” تعبر عن الشجب الطلابي لهذا الاتفاق المغربي الإسرائيلي الذي ضرب عرض الحائط حق الإنسان الفلسطيني وحق الشعب الفلسطيني في تواجده على أرضه وحقه في تحديد مصيره. وقد قوبل هذا الرفض والاحتجاج بالتضييق والقمع من طرف الدولة المغربية وأجهزتها القمعية، لتمنع بذلك تنظيم النسخة الخامسة من ملتقى القدس بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة سنة 2022 وتقتحم الجامعة وتهشم عظام الطلبة خلال الملتقى الطلابي الوطني 17 في سنة الفارطة والذي كان من المقرر أن ينظم فيه مهرجان خطابي يعالج قضية التطبيع وسبل مناهضته.
طوفان الأقصى:
شارك الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ودعا هو الآخر لكل المسيرات والفعاليات الوطنية الداعمة لمعركة طوفان الأقصى والمساندة للمقاومة الفلسطينية المقدامة. كما سطر برنامجا احتجاجيا بهدف استنكار التنكيل والتقتيل الذي يطال الفلسطينيين في غزة. فنظم ندوة طلابية دولية عن بعد استضافت منظمات طلابية من مختلف الدول العربية والإسلامية والأجنبية، قصد إبراز دور هذه المنظمات في نصرة القضية الفلسطينية، والتأكيد على وحدة الموقف الطلابي المندد بجرائم الكيان الصهيوني، وتوحيد الجهود في دعم طوفان الأقصى والبحث عن الأشكال والمبادرات التي من شأنها خدمةَ القضية والتصدي لكل أشكال التطبيع مع الصهاينة القتلة. كذلك انخرطت فروع الاتحاد في الجامعات المغربية في الإضرابات الوطنية التي دعت لها الكتابة الوطنية، وآخرها الإضراب الوطني عن الطعام لمدة 24 ساعة بهدف التذكير بأن معاناة الغزاويين لا زالت في تفاقم، إذ أنهم يعانون الأمرين؛ بين قصف وهدم للبيوت على رؤوس ساكنيها، وتعرض لسياسة التجويع والقتل البطيء.
إن الطلبة المغاربة أكدوا على رسوخ أقدامهم في مساندة ودعم الشعب الفلسطيني حتى النصر واسترجاع أرضه كاملة من البحر إلى النهر، وهم في تفكير دائم في مزيد من أشكال الضغط والاحتجاج لنصرة القضية الفلسطينية وإسقاط التطبيع.
فما حادوا ولن يحيدوا.
أروى أنيسي الديبوني