فلسطين قضيتي: شرف النصرة وحمل المشعل
بقلم الطالبة: رشيدة شرياط
في كل مرة تتأجج الأحداث في أرض فلسطين المباركة، نجد نقاشات تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي حاملة معها تباينا عميقا في الآراء والأفكار. فهناك من يتضامن وهناك من يرفض أن يفعل، بالجانب الآخر من ينتقد التضامن وفي ضفة ما نجد من لا يكترث لما يحصل أساسا. لأجل كل هذا يفضل أن نوضح بعض الحقائق.
دعنا نتفق بداية أن أغلب الداعمين للقضية يعتبرون الأمر أكبر من التضامن مع شعب في محنته، إنما هي محنتنا جميعا ودعمنا للقضية هو دفاع عن أرض سلبت منا لا من شعب نعزه فقط ونفخر بمقاومته المستميتة لأجل هويته وأرضه. فمن يعتقد أن القدس ملك للفلسطينيين فحسب، كمن يرفض أن يحج أو يعتمر لأنه يرى مكة ملكا للسعوديين فحسب، والأصل أنها ملك كل فرد مسلم حول العالم أينما كان. فاستغناؤنا عن نصرة أرضنا أو نصرة أي شعب مظلوم بغض النظر عن القطعة الجغرافية التي يسكنها، يحاكي رفض القدم الذهاب إلى المستشفى لأجل يد مريضة فقط لأنها ليست قدم مثلها، أو أن يتوقف القلب عن ضخ الدم لسائر الأعضاء لأنه لا يجد شبيهه بينهم.
نحن أمة واحدة، تاريخنا، تراثنا، مطبخنا، أعراسنا ولهجاتنا رغم اختلافها توحي بأننا رغم انقسام دولنا أمة واحدة تؤازر بعضها، تنصر المظلوم وتؤتي الظالم جزاءه ولو بعد حين. فمن لا يهتم لأمر الشعوب يجهل معنى الأمة وخيراتها، ويحرم نفسه فضائلها وكل حسنة تأتي الشعوب بتوحدها.
وبما أننا نناقش التضامن، لا بد لنا من تسليط الضوء على تضامن لا تتهاون فيه إطلاقا. بحيث، يكفي مقتل شخص واحد لتقوم – أنت نفسك رافض التضامن اليوم باعتبار أن ظروفك الرديئة أولى بالانتفاضة – لتعلن تضامنك معه وبالتالي تضامنك مع بلاده كلها. أنا لا أعرف دوافعك، وقد أعتبر إنسانيتك التي تحرضك لتدين القتل والتفجير. كما أعجب لأمرها إذ تخلق فيك طاقة تهد الجبال لأجل أجنبي وتغرقك في سكون بغيض لأجل عربي، حتى التضامن والإنسانية أصبحا يخضعان لسلطان الزبونين والمحسوبية. رغم أننا نتفق في جميع نقاشاتنا على أن الإنسانية تأمرنا أن ننصر المظلوم ولو كان خنزيرا وندين الظالم ولو كان ملكا، إلا أنه مطابقة القول والفعل هي فقط من شيم الرجال.
نحن لا نعرف كيف؟ متى؟ أو أين؟ ولكننا لا نقول “لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا” وإنما نقول “سيحدث الله بعد ذلك أمرا، بإذن الله” وفي ذلك يقين تام بموعود الله عزوجل. عندها، عندما نفرح بنصر الله، سيعاتبك ابنك قائلا: “لقد جعلتني أفقد هويتي لأجل من لا هوية له” فاحذر. لأن القضية لاتحتاجك ولا تحتاج نصرتك. فقد ثبت فيها وعد الحق سبحانه، ولكنك تحتاج القضية، تحتاج شرف النصرة وشرف حمل المشعل، فعد ما دام الوقت مبكرا.
ختاما، لا أجد أفضل من التأكيد على أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية، التأكيد على أننا لن نسمح بنكبة جديدة فقد آن للنكبة أن لا تستمر والتأكيد على أن التطبيع مع العدو خيانة عظمى.