الرئيسيةتصريحات وحواراتشاشة الاتحادقضايا الاتحاد
إمدنين: الطالب المغربي بين مطرقة هشاشة التعليم عن بعد وسندان التدبير الارتجالي للامتحانات
في إطار الحديث عن التدبير الرسمي للامتحانات الجامعية يتساءل الجميع عن سبب عدم اعتماد الجامعات لمراكز القرب هذه السنة رغم بقاء نفس الشروط والظروف الدافعة لاعتمادها السنة الماضية، لأنه مادامت حالة الطوارىء لاتزال قائمة، وأزيد من 80% من المؤسسات اعتمدت التعليم عن بعد، بالإضافة إلى استمرار إقفال الأحياء الجامعية، فلماذا تم التخلي عن هذا الخيار وهذا التدبير الذي يفرضه الواقع.
إن اعتماد الجامعات للامتحانات الحضورية دون التفكير في توفير مكان لإيواء الطلبة، خلف سخطا واستياء كبيرا عند الطلاب، ودفع بعضهم إلى الاحتجاج داخل الكليات وخارجها، ولجأ بعضهم للمبيت في العراء، لأن الدولة لازالت مصرة على عدم فتح الأحياء الجامعية التي أقفلت في شهر مارس الماضي، وتأخرت في صرف المنحة الجامعية التي ستمكن “البعض” من اكتراء بيوت رغم غلاء أسعارها بسبب استغلال بعض أصحاب البيوت لهذه الظرفية.
وأمام هذا الوضع نطرح مجموعة من الأسئلة؛ هل سبب عدم اعتماد الجامعات لمراكز القرب راجع لغياب الميزانية؟ لا أظن ذلك لأن المراكز توفرها العمالات والأقاليم والمجالس الجماعية دون مقابل، ويبقى للوزارة مهمة تدبير تنقل ومبيت الأساتذة والطلبة المكلفون بالحراسة، ثم هل مدة سنة لم تكن كافية لتهييء الأحياء الجامعية لاستقبال الطلاب، رغم تأكيد الوزارة الوصية في أكتوبر الماضي على عزمها فتح الأحياء، وإشارتها أن تدبير ذلك سيتم على مستوى الجهات؟ ثم لماذا الإصرار على إقفالها والسماح للإقامات الطلابية الخاصة بالعمل التي تعرف هي الأخرى اكتظاظا كبيرا؟ ألم ينتبه المسؤولون إلى أن مئات الآلاف من الطلاب ينتمون إلى فئات اجتماعية هشة وغالبيتهم لا يتوفر على المنحة الجامعية، ما يعني عدم قدرتهم على اكتراء بيوت خاصة، وبالتالي إرغامهم على عدم الحضور والتضحية بسنة جامعية، ألم تفكر الجهات المعنية في خطورة الأمر ومآلات التنصل من المسؤولية…للأسف كل المعطيات والمؤشرات تؤكد أن التفكير في وضعية الطالب المغربي ومستقبله ومستقبل الجامعة لا يدخل مطلقا ضمن أولويات الدولة.
ومع كثرة الحديث عن الأحياء الجامعية، قد يظن البعض أن الأحياء الجامعية تستقبل مئات الآلاف من الطلاب، وهذا أمر بالتأكيد غير موجود، فحسب تقرير المجلس الأعلى التربية والتكوين سنة 2018، فإن شبكة الأحياء الجامعية والمطاعم بقيت كما هي منذ 25 سنة، ويتم فقط توسيع بنيتها، وسنة 2016 حسب تقرير وزارة التعليم العالي، فقد آوت الأحياء أقل من 50.000 من عدد المسجلين والذي هو 750.000 طالب، أي أن عدد الطلاب المستفيدين من السكن الجامعي أقل من 9% من إجمالي عدد الطلاب، ومقارنة مع تونس خلال نفس السنة فإن هذه الأخيرة آوت 19.7% وعدد طلابها 263.000 فقط.
وكذلك بالنسبة المنحة الجامعية، يظن البعض أن أغلب الطلبة يستفيدون منها، وهذا أمر غير موجود طبعا، فحسب التصريح الرسمي لوزير التعليم العالي السابق “الصمدي”، فقد أكد أن عدد الممنوحين يقدر ب 386.000 ألف من أصل 1.009.678 طالب في جميع الأسلاك -إجازة، ماستر، دكتوراه- وفي جميع المؤسسات سنة 2019، أي ما يقارب 30%، وبما أن طلاب المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح يعتبرون الأكثر عددا بنسبة تتجاوز 75% حسب إحصاءات 2019، فإن عدد الممنوحين داخل هذه المؤسسات لا يتجاوز 20%، بمعنى أن أزيد من 80% من عدد الطلاب في نفس المؤسسات لايستفيدون من المنحة الجامعية، وبما أن عدد الملتحقين بالجامعات وصل إلى 280.000 طالب سنة 2019 كما تظهر إحصاءات الوزارة الوصية ، في مقابل الزيادة السنوية الضعيفة في عدد الممنوحين، فإن نسبة الممنوحين ستتراجع بشكل فظيع خلال السنوات المقبلة.
ختاما؛ إذا كانت الدولة لا توفر السكن والمنحة على الأقل لجزء كبير من الطلاب، فمن المنطقي أن نتساءل عن جدوى وقيمة السياسات العمومية التي تستهدف الطلبة في الشق الاجتماعي خصوصا، وإذا كانت المنحة هي مقدار مالي يعطى للطالب لأجل تحقيق استقرار نفسي واجتماعي بغية حسن التحصيل، فإن الدولة بسياساتها العرجاء وإصرارها على الإمعان في احتقار الطلاب، تدفع بهم دفعا نحو الرسوب والهدر الجامعي، وترغمهم على ركوب قوارب الموت.