كعادته احتفل هذه السنة النظام السياسي المغربي باليوم العالمي لحقوق الانسان على أنغام التشميع، حيث فوجئ مواطن مغربي بمنطقة الشرق وبالضبط بوجدة ومن غير سابق إعلان بوضع الشمع والأقفال على بيته مع الإذن بالهدم، والسبب هو انتماؤه السياسي- الدعوي، سلوك دأب عليه النظام السياسي منذ عقود كعقوبة لمعارضيه من خلال القاعدة المخزنية المشهورة “من كثرت أنشطته وحركته فقد خرج عن القانون ولو كانت قانونية”، ويأتي هذا الفعل الشنيع في ظل قيام الدولة باحتضان محطات دولية لتحاول من خلالها التغطية على الجرائم المرتكبة في حق المواطنين وإعطاء صورة منمقة عن واقع الحريات العامة بالبلد وتسويقها على المستوى العالمي، لكن مساحيق التجميل أصبحت لا تفيد، وما عادت للأبواق المأجورة آذان تصغي لها ولا تضليلها ينفع، فقد أصبح المغرب بلد من زجاج، فقط اسألوا البحر عنه، واسألوا التعليم والصحة والبطالة، أو اربطوا الاتصال بسويسرا (بنما)، أما عن السجون فلا تسألوا، فالأحكام الصادرة في حق شباب الريف وجرادة ذهب صداها إلى أبعد مدى.
لقد أصبحت الدولة تسعى لسد أي ثقب يتنسم منه المواطن المغربي نسيم الحرية إن وجده، وذلك عن طريق القانون، هذا الأخير الذي تقوم الدول الديموقراطية باستخدامه في تحقيق السلم الاجتماعي والأمن للبلد والرقي بالإنسان في سماء الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة كحقوق آدمية – إنسانية يحترمها الغني والفقير، أما في الدول المستبدة فتوظفه خدمة لمصالحها وأهدافها ووفق الهندسة التي تراها مناسبة على مقاسها، لأن هم الاستبداد هو القضاء على كل من يغرد خارج سربه، لذلك يتم استخدام القانون وتأويل قواعده من منظور استبدادي استفرادي أحادي ذو منطق فرعوني(لا أريكم إلا ما أرى)، وبذلك يسود الظلم وتحل كل أنواع البلايا على الشعوب التي تعيش في كنفه.
لقد أصبحت المنظومة القانونية للحريات العامة بالمغرب كلها قيود لتكميم الأفواه المستقلة، وتكسير الأقلام الحرة، وتقييد حركة وتحركات التنظيمات القانونية المستيقظة بالبلد، التي ما تفتأ تدق ناقوس الخطر وترشد وتنصح من يهمهم الأمر لإخراج البلد والعباد من فساد الاستبداد وتقول لهم من هنا الطريق من هنا البداية، سعيا لتحسين الأوضاع وإعادة الكرامة التي سلبت من الشعب نتيجة سياسات التحكم في خيرات البلاد والعباد بسبب الإستئساد.
لقد صلى الشعب المغربي صلاة الجنازة على التعليم والصحة والشغل والكرامة، وها هو يشيع جنازة الحريات العامة وحقوق الانسان، كما صلى غير ما مرة صلاة الغائب على ثروة بلده ومستقبل أبنائه، لكن غدا لناظره لقريب، وإن موعدهم الصبح وما الصبح ببعيد. فقل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
بقلم: سعيد غزالة