معالم العلو واسس الرؤية المستقبلية في تحرير بيت المقدس والامة (1)
بحث
_ المبحث الاول: معالم العلو
_ المبحث الثاني: الرؤية المستقبلية لتحرير بيت المقدس والامة
تقديم :
كانت ولا زالت فلسطين محط اهتمام الجميع فالكل يتحدث عنها ويدافع عن ترابها ويريد تحرير بيت المقدس فلم تحظ مدينة عند العرب والمسلمين ،غيرهم ومن الغربيين والإسرائيليين مثلما حظيت مدينة القدس، بل وان كثيرا من الحروب والصراعات على مر الازمنة والتاريخ كانت من اجل الاستيلاء على فلسطين فابيدت امبراطوريات وهزمت وظهرت اخرى وانتصرت على اراضيها.
كما ان الصراع العربي والاسلامي والفلسطيني مع اليهود، يرتكز اساسا على فلسطين عامة والقدس خاصة وهو لا يزال مستمرا منذ اكثر من سبعين سنة.
بيت المقدس عرين الأمة، وجوهرتها النفيسة ،قاهرة الغزاة والطامعين على مر العصور، كيف لا وهي ارض الله ومدينة الله ، اشتق الله اسمها من اسمه العظيم القدوس وجعلها الله مقبرة لظلمة والمستبدين ، لاتزيدها الايام الا نورا وضياء وهي الارض المباركة ارض الأولياء والصالحين ، وبيت المقدس هي الاسراء والمعراج،كما في قوله تعالى { سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله}
فقضية تحرير القدس تنطرح على الاجيال من المسلمين والتجزئة التي اصابت بلاد المسلمين كانت
ولا زالت قطيعة والصلة بالدين اصبحت مسألة فردية، فكثير من المسلمين في مجتمعاتنا يظنون ان الكيان الصهيوني يعمل من اجل السلام بل وكثير من المسلمين وقعوا تحت تأثير الأكاذيب التي تقول ان يهود هذا القرن يعملون من اجل السلام ، في حين ان الأمة العربية غير ذلك.
ومن الناحية الأخرى هناك الكثير من المسلمين يعرفون ان يهود هذا القرن لا يمكن مطلقا ان يعملو من اجل السلام ،انما وضعوا خططا تعمل على خداع الأمة الاسلامية وهذا من علو اليهود واستكبارهم وتسلطهم وعن هذا الجبروت يحدثنا القران الكريم في سورة الاسراء {وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا}
أما عن الامة فالرؤية الواضحة للماضي والحاضر شرط لتصور المستقبل والتحرك نحوه دون تهيب من الانحراف. لذلك استحضار الولادة التاريخية والايديولوجية للحداثة وللأزمتها “القديسة الائكية “، حسب تعبير احد الأربيين، حتى تتمكن من الاستنطاق الجيد للحداثة الائكية حول اسسها المعرفية وركائز تصور للإنسان.
المبحث الاول: معالم العلو
مما استخلصت في كتاب الاسلام والحداثة للأستاذ عبد السلام ياسين؛
لا حدود لعلو اليهود مادام يسندهم أهل الجحود من أدعياء النصرانية الذين يستبطنون الالحاد والجور.
وعن هذا الجبروت اليهودي يحدثنا القران الكريم في سورة الاسراء { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا. إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا. وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }
وهذا الاستكبار متجدر في الشخصية اليهودية التي تلقن منذ نعومة اظافرها مبادئ العنصرية، وتجعل من بني اسرائيل شعب الله المختار. وأوردو قصصا عن يوشع عليه السلام انه جبارا ومتعطشا للدماء ، فكيف لنا ان نصدق هذا ؟. يستحيل ان يكون أنبياء الله ، رسل الرحمة جزارين بعثوا لتقتيل البشر.
انها خيالات نفوس مريضة تجسد في قصص ملحمية تمجد التعذيب والابادة . تلك كانت أول وحدة تجمع بني اسرائيل بعد ان كانوا مجرد قبائل من البدو والرحل الهائمين في الصحراء ، ليصبحوا شعبا واحدا يقوده يوشع الى ارض كنعان. لكنهم لم يمتهنوا التدمير والتقتيل الا بعد يوشع حيث كانوا يقتلون النبيين بغير حق كما ورد في القران ـ أي ان الأنبياء كانوا ضحايا عنفهم بدل ان يكون اساتذتهم كما يدعون.
يستعلن الاستكبار العنصري اليهودي وتسلط الأضواء على “التطهير العرقي” وهو يعرض بعض منجزاته على شاشات العالم كله ، وفي سنة 1948 اجتاح الوزير الاول للإسرائيل هو وعصابته الارهابية قرية دير ياسين وذبح 254 من رجالها ونسائها واطفالها ، تلك كانت خطته لإرهاب السكان واجبارهم على النزوح من اراضيهم .
وبعد ثلاثين سنة ، بعد ان استوت اسرائيل على سوقها ، وتكلفت عدالتها بضمان امن المواطنين ن هاجم مجرم يهودي قرية بئر قاسم واباد أهلها فألقي عليه القبض وحكم بتغريمه دينارا رمزيا ثم اطلق سراحه .
فاذا ما سولت للمسلم نفسه الاقتصاص من يهودي واحد حين يجرف بيته او ينتزع حقله أو يحصد أطفاله ، انطلقت الأبواق الاعلامية تشنقه وتعالت صيحات الإدانة الدولية : إسلامي ؟ ارهابي ؟متطرف؟ بينما لا يجرؤ احد على نسب المذابح الرهيبة … تجهد اروبا اليوم لتتوحد، باحثة عن هوية جديدة مشتركة.
كانت أروبا في حاجة ماسة الى حوض يستقبل مافاض عنها من العنصر اليهودي بالغ الذكاء ، فائق النشاط شديد المهارة في التجارة العنصر المزعج الذي تنظم وألح على الدول الأوربية السالكة سبيل الديموقراطية ان تمنحه حقوقا وتملكه أرضا تطلع عليها الشمس . وما قضية دريفوس في فرنسا إلا مثال بين لظهور اليهود في الساحة واستغلال الامكانيات التي استحدثها العصر لمكافحة الظلم والتأثير على الرأي العام بواسطة َإعلام حر تسلل إليه المال اليهودي والنخبة المثقفة اليهودية .
فدولة اليهود هي البنت المدللة لأمريكا البروتستانية الهائمة بالأساطير التوراتية ، فهي لا تتردد مستقوية بجهاز دعايتها الأخطبوطي المتنفذ في امريكا ، رافعة شعار “أرض بدون شعب لشعب بدون ارض”
لتصبح فلسطين أرضا خالية، إرثا ضائعا استرده الشعب المختار . لكن الأرض الموعودة المسترجعة ليست سوى مرحلة انتقالية نحو اسرائيل الكبرى التي ترسمها الخرائط الصهيونية والتي تحتوي على جزء كبيرا من المشرق العربي فإسرائيل تعمل بنفسها ، معتمدة على حليفها الأساسي المتمثل في الإحساس بالذنب الذي خلفته المحرقة الهتليرية .
من العبث ان نقرأ التاريخ بمنظار غير اسلامي إذا ما أردنا تسليم الحداثة ، لأن الحداثة هي المظهر الحديث للإبتلاء ، ولأن قصص الأنبياء لم ترد في القران الكريم للتسلية بل للإعتبار والاقتداء.
حقا إن التحدي الصهيوني يفعل فعله في الواقع المعيش وفي نفسانية العرب المسلمين وغير المسلمين ، لكننا إذا عزلناه وضخمناه متأثرين بهمومنا وآلامنا ، أصبح عائقا يستحيل تجتوزه . أما اذا وضعناه في السياق التاريخي الإسلامي فإنه يصبح مجرد هبة ريح عابرة .
لكن انتسابنا إلى البعد الرباني وإلى استمرارية تتجاوز حدود التاريخ لا يعني أبدا اننا نفر من المعركة الحاضرة المحسة ، بدليل استبسال المنظمات الإسلامية في فلسطين وفي جنوب لبنان . وارسال حماس والجهاد وحزب الله أفضل عناصرها إلى ساحات الاستشهاد برهان على ان المؤمنين ليسوا جبريين فاترين . تحدٍ ومقاومة لا يميزها عن نضال الشعوب المستضعفة سوى الحافز الروحي السامي هنا ، الوطني والإيديولوجي هناك .
لما نفرغ من اليهود واليهودية ، وكيف نفرغ منهم وهم اللعنة المجسدة والمثل المضروب لنا في القران الكريم وفي سنة الله ؟ قال الله عز وجل في شأنهم في سورة الحشر{ ولا يقَاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة او من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } .
نرجو من الله عز وجل أن يهزم على أيدي المجاهدين العزل ” أطفال الحجارة ” في فلسطين ، يهود النسل والعقيدة القومية .
فساد القلوب وقساوتها سمة لاصقة بكل يهودية .
————————-
من انجاز : شيماء عيساوي