الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، بداية أهنئ الامة الإسلامية بمناسبة حلول عيد الفطر، وأهنئ الصائمين القائمين العابدين الراكعين الساجدين لرب العالمين في شهر رمضان المبارك، هاهو رمضان قد ذهب إلى يوم القيامة، إما أن يأتي شاهدا لك أخي وأختي، وإما عليك نسأل الله أن يتقبل منا ولا يجعلنا من القانطين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلَّا الصَّوْمَ. فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. ولَخَلُوف فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ[1]. وَالصَّوْمُ جُنَّة. وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سابَّه أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صائم“ متفق عليه[2].
هذا الحديث احتوى في طياته على الأعمال عموماً، واختص منها الصيام وذكر فضله وخواصه، ثم ثوابه العاجل والآجل، وبين حكمته، وأظهر المقصود منه، وما ينبغي على كل مسلم صائم من الآداب الفاضلة فيه. كل هذا نسج في طيات هذا الحديث.
في يوم الفطر توزع النتائج والجوائز للصائمين، فما جائزتنا وما نتيجتنا هل قبل أم رد علينا، نسأله عز وجل أن يقبلنا، فمن علامات قبول الصيام، هو الأثر الذي خلفه رمضان فينا، كما يقال فإن رمضان لما بعده، هل أتبعناه بصيام الست من شوال؟ هل واظبنا على القيام؟ هل حافظنا على قراءة القرآن، هل ثبتنا على أداء الصلاة في أوقاتها؟، كل منا يقي ويزن نفسه بهذا الميزان ولير النتيجة، إن كانت خيرا سأل الله الثبات، وإن كانت غير ذلك سأل الله الهداية وتاب إليه وطلب المغفرة.
والعيد من شعائر الله ويقتضي التعظيم والفرح بالله الذي رزقنا هذه النعمة لنتقرب إليه بها قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ الحج: 32
قال ابن الرومي يستبشر بعيد الفطر:
ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله *** تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ
كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه *** يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرْبِ
ويقول الشاعر محمد الأسمر في الكرم والصدقة إدخال السرور على الفقراء يوم العيد معاناة الفقراء:
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به *** وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه *** وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به *** ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم *** دعــا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم *** بــدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ، وَسَتَرَ الْقَبِيحَ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ بَالْجَرِيرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، وَيَا عَظِيمَ الْعَفْوِ، وَيَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ، وَيَا وَاسِع َالْمَغْفِرَةِ، وَيَا بَاسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، وَيَا سَامِعَ كُلِّ نَجْوَى، وَيَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، وَيَا كَرِيمَ الصَّفْحِ، وَيَا عَظِيمَ الْمَنِّ، وَيَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ، وَيَا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا، يَا رَبِّي وَيَا سَيِّدِي وَيَا مَوْلَايَ وَيَا غَايَةَ رَغْبَتِي، أَسْأَلُكَ أَنْ لَا تُشَوِّهَ خِلْقَتِي بِبَلَاءِ الدُّنْيَا وَلَا بِعَذَابِ النَّارِ.
بقلم سعد الزين.
[1] – إلى هنا أخرجه مسلم في “صحيحه” رقم: 1151 بعد 164.
[2] – أخرجه: مسلم رقم: 1151 بعد 163, والحديث عند البخاري في “صحيحه” رقم: 1904, بتقديم وتأخيرٍ مع تغير في بعض الألفاظ.