لا يليقون بفلسطين، ولا تليق فلسطين بهم
بقلم الطالب: عدنان الغميش
منذ أزيد من خمسين سنة، هدمت حارة المغاربة بفلسطين، لتخلف وراءها تاريخا مجيدا من تضحيات جسام، من عطاء لا محدود، من ذكريات تأبى النسيان، نقش اسمها بدماء الشهداء الطاهرة، وسجِّـل بمداد الفخر والاعتزاز. في مقابل كل محاولات الصهاينة لتهويد الحي، وإخفاء الجرائم الشنيعة في حق أهالينا بقدس الأقداس. فهل يعقل أن ننسى الهوية المشتركة للشعب المغربي مع شقيقه الفلسطيني؟ وكيف ننسى أمجاد آبائنا في تحرير فلسطين؟ وكيف ننسى حارتنا في القدس الشريف؟ وهل نستطيع أن ننسى دماء أجدادنا المسفوكة على يد الصهاينة؟
لنا شرف تسمية حارة في الضفة الغربية من القدس باسم باب المغاربة، الملاصقة لحائط البراق، ذاك المكان المهيب، الذي نزل به البراق الشريف حيث أسري بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج، هاته التسمية الشريفة التي جاءت تتويجا لمجهودات آبائنا المجاهدين، المقدسيين و المقدسيات، الذين بذلوا الغالي والنفيس، الذين استرخصوا دمائهم الزكية في معركة حطين 25 ربيع الثاني 583 هـ الموافق 4 يوليو 1187 م، فأمر الملك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، على إثرها أن تبنى للمغاربة حارة باسمهم، في الضفة الغربية من المسجد الأقصى، وقال كلمته التي خطت بمداد من ذهب، {أسكنت هناك من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يؤتمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة}.
وفي عام 1967 بعد احتلال القدس الشريف، أقدمت دبابات الصهاينة يوم 10 يونيو من نفس السنة، على هدم الصوامع والآثار، قدرت بأزيد من 135 تعود للعصر الأيوبي، ودمر الاحتلال 136 منزلا، وطرد نحو 700 فلسطيني مغربي، خلال مدة لا تتجاوز 4 أيام، في منظر مشين، و خارق لكل المواثيق الدولية والحقوق الإنسانية، كعادتها، تماشيا مع مبادئ التهجير القسري وتهويد القدس، وسياسة الاستيطان. ووصل الأمر إلى قمة الوحشية، من إزهاق أرواح المدنيين العزل، حيث يقول شاهد عيان: “شاهدتُ ثلاثة جثث بأم عيني أثناء انتشال جثثهم من تحت الأنقاض، وإحدى الجثث تعود لامرأة لم تسمع نداء الإخلاء لأنها صماء”.
وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لا يزال أهالينا بالقدس الشريف، المهجرين من أرضهم، المسفوكة دمائهم، المنهوبة خيراتهم، المبعدون عن بيوتهم، ينتظرون جبر الضرر، ينتظرون حق العودة المغتصب، وهم يشاهدون من جهة، اليهود في أرضهم في “ساحة المبكى” يصلون آمنين مطمئنين، ومن جهة أخرى، يتابعون أخبارا تدمي القلب، مفادها السماح بدخول الصهاينة إلى وطننا الغالي، مرفوعين الرأس، معززين ومكرمين، بواسطة المتخاذلين الذين لا يليقون بفلسطين، ولا تليق فلسطين بهم.