شكلت تجربة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على مرّ تاريخه العريق إضافة نوعية، وحضورا تنظيميا، وقوة اقتراحية، ولمسة إبداعية – لا ينكرها إلا جاحد – في مختلِف المجالات داخل الجامعة المغربية.
ففضلا عن خط “أوطم” النقابي الرامي إلى توحيد كلمة طلاب الجامعة المغربية لصون مكتسباتهم، والمطالبة بحقوقهم، وإبداء آرائهم والتعبير عن إبداعاتهم وأفكارهم بكل حرية وكرامة.. استطاع الاتحاد، رغم القمع والمنع والطرد تارة،، وصد الأبواب والتجاهل والتشويش تارة أخرى، أن يبصم في ربوع الجامعة المغربية على مسار نضالي وعلمي وتكويني وثقافي إبداعي مميز؛ (دعا) ولا يزال يدعو إلى جعل الجامعة فضاء لتحرير الطاقات بدل تمييعها، وتوفير الإمكانات بدل تحويلها إلى مجموعة من الأنشطة الفنية والرياضية والثقافية التي تستهدف كل شيء إلا إفادة الطالب والجامعة معا. ليُبرز بذلك مكانته ودوره الفاعل في خلق جامعة موازية يلتقي فيها التحصيل العلمي بالتكويني، والمعرفي بالثقافي الفني، والنقابي النضالي بالتنظيمي المؤسساتي. ومؤكدا، أيضا، أن السبيل الوحيد لريادة الجامعة هو سيادة الجامعة الحرة التي تقبل الاختلاف والتعدد والحوار والإبداع الهادف والراقي.
إن ما يؤكد القول أعلاه، على سبيل المثال لا الحصر، مهرجان التراث؛ الذي دأب على تنظيمه مكتب فرع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ابن زهر أكادير منذ سنين. وهو اليوم، في صورة وإبداع جديدين، يعلن عن النسخة الثامنة تحت شعار: “مهرجان التراث: إحياء للموروث الفني، واستمرار للنضال الطلابي”.
تزخر الثقافة المغربية بأشكال وموروثات فنية وثقافية وإبداعية مختلفة ومتعددة وغنية… تؤصل، بعمق، لبلد عريق ومجتمع أصيل وثقافة لها امتداداتها التاريخية والروحية والإنسانية، يواجهها اليوم من يريدون أن يخربوا قيم المجتمع وثقافاتهم وهويتهم بمخططات وخطوات تتستر بشعارات زائفة، ينبغي مقابلتها بكل الوسائل الممكنة تعريفا ونشرا وحفاظا، على موروثنا الثقافي الصافي، عبر إحيائه وصونه وتثمينه وترسيخه في قلوب الأجيال داخل الجامعة وخارجها. ويعتبر مهرجان التراث خطوة جادة ووسيلة فعالة في هذا الاتجاه. إذ هو صور متنوعة لروح مغربية واحدة أصيلة تُغني حياتنا، وتوحد سلوكنا، وترفع مكانتنا بين الأمم.
مهرجان التراث رسالة، بل رسائل، من داخل الجامعة إلى طلابها ومكوناتها أولا، ثم إلى المجتمع ومؤسساته ثانيا، مفادها:
أن التراث الثقافي المغربي بمختلِف روافده نقطة قوة ينبغي مشاركتها وتعزيز حضورها في فضاءاتنا المجتمعية والجامعية لمواجهة دعوات التفرقة التي تحاول زرع النعرات والعصبيات داخل المجتمع الواحد؛
أن التراث الثقافي، والملفات المطلبية، والقضايا الإنسانية العادلة، والمشترك الجامعي عموما.. سبيل حقيقي، لمن أراد فعلا، الوحدة الطلابية.
أن الطريق من أجل مجتمع المعرفة، والتواصل الجامعي المجتمعي هو الاستثمار في الأنشطة الهادفة التي تعبر عن ثقافة وقيم وأسلوب المجتمع، بدل التفاهة المنتشرة، والتي تنتقل، للأسف الشديد، إلى الوسط الجامعي.
مهرجان التراث ترسيخ لفكرة العمل المشترك والتكامل. وأن العيش المشترك داخل الفضاء الجامعي بين جميع الفصائل، على اختلاف أيديولوجياتها، وتلاقي الأمازيغي والصحرواي والعربي… ممكنة وليست وَهما أو توجها كما يروج لها من يغذيها ويستفيد من إثارتها عن طريق مفاهيم “القبلية” و”العرقية”.
أن مهرجان التراث، وتأسيسا على الرسالة الرابعة، دعوة إلى جميع مكونات الجامعة للحوار ونبذ العنف والعنف المضاد بين أبناء البلد؛ بل بين أبناء القرية أو المدينة الواحدة.
وختاما، جزيل الشكر وعميق التقدير لمكتب فرع الاتحاد ابن زهر أكادير على مبادرته والشعار الرائع الذي اتخذه للنسخة الثامنة والتزامه بالاستمرار في العمل والعطاء نضالا وإبداعا.