قُرابة عام من التعليم عن بعد .. أية حصيلة ؟!
أزيد من عشرة أشهر على اعتماد جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء للتعليم عن بعد؛ او كما يحلو للطلبة تسميته بـ “البعد عن التعليم”. طريقة التدريس هذه لم تلق أي استحسان من طرف الأساتذة والطلبة، وذلك راجع لمجموعة من العوامل أهمها البنية الاجتماعية للطلبة وغياب الوسائل التكنولوجية وضعف الخوادم الرقمية (server) -بطبيعة الحال إن وُجدت-، والتي من شأنها المساهمة في نجاح هذا الحل الطارئ (bricole)؛ والذي كانت الوزارة تتبجح بكونها قادرة على العمل به في نظام البكالوريوس الذي تعتزم اعتماده بدءا من الموسم المقبل.
فما إن تم الإعلان عن بدء الموسم الدراسي الحالي، حتى بدأت المشاكل بالظهور تباعا، طلبة غير قادرين على الولوج لمنصة الدروس الالكترونية، والتي هي منصة جامعية، كانت غير مجانية – حتى مر أزيد من ثلثي الدورة الخريفية- على عكس ما يروج له رسميا. بل والأكثر من ذلك أن الدروس المباشرة تنقطع بسبب العدد الهائل للطلبة، أحيانا ينقطع الصوت عند البعض، وأحيانا الخادم لا يتحمل عدد الطلبة فيقوم بإخراج البعض تلقائيا من الدرس.
في السداسي الأول نجد غالبية المجموعات عدد الطلبة بها يتجاوز 500 طالب، والمنصة لا تستطيع استقبال سوى 250 طالب بجودة ضعيفة، و50 آخرون بجودة لا بأس بها. فلك يا أخي ويا أختي أن تتخيلوا مصير الطلبة الذين لم ترحمهم الظروف ولم يساعدهم صبيب الانترنيت؛ ولم يكونوا من بين هؤلاء ال 300 طالبا الذين حالفهم الحظ للدخول للمنصة من الأوائل. فكيف لهؤلاء الطلبة أن يتابعوا دراستهم.
أما في الشق الآخر، فبعض الأساتذة هم الآخرون لم يندمجوا بعد مع الطريقة الجديدة، فمن غير المعقول أن جامعة بحجم جامعة الحسن الثاني لا تستطيع توفير موقع بمواصفات عالية، وخوادم قوية، وولوج مجاني، ليتضح فعلا أن كل الشعارات الرنانة التي تتباها بها الوزارة تبقى حبيسة الأوراق والإعلام الموجِّه؛ أما الواقع فيقول أشياءً أخرى.
فلا يعقل أن يتم تضييع طالب في دراسته لعدم امتلاكه لوسائل تُمَكنه من ولوج المنصات، أو بسبب ضعف الخوادم وصبيب الإنترنت، وضعف الموارد البشرية و التقنية داخل الكلية غير القادرة على استيعاب الكم الهائل من الطلبة و توفير لهم فضاء يسهل عليهم متابعة دراستهم في ظل الظروف الاستثنائية. فالجائحة أظهرت أن المغرب في أبسط الظروف الاستثنائية قادر على العودة لخطوات نحو الوراء وتكريس الطبقية في التعليم، والتشجيع على الهدر المدرسي والجامعي. مع الإشارة إلى أن الطبقة الكادحة لم تتعافى بعد من تداعيات الجائحة اقتصاديا، بل و العديد من المواطنين فقدو عملهم؛ فكيف يمكنهم توفير المال لأبنائهم … لن ما من مجيب!!
خلاصة القول متى ستلتفت الوزارة الوصية على قطاع التعليم لهاته المشاكل الجوهرية من أجل معالجتها؛ والكف عن الإصلاحات التي يروجها الإعلام الرسمي(الزواق ). فالطالب الجامعي لا منحة ولا مسكن له، بل قُهر بمصاريف الكراء، و الاكتظاظ في الفصل الدراسي، هشاشة التجهيزات داخل الحرم الجامعي و المدرجات، وكذا ضعف البنيات التحية.