مقدمة:
اتخذت الجامعة الملكية في حق فريق الرجاء البيضاوي إجراءات عقابية على إثر الأحداث الدامية التي عرفها مركب محمد الخامس فيما سمي بالسبت الأسود والتي راح ضحيتها شابين في مقتبل العمر ونقل أزيد من خمسين آخرين إلى المستشفى في حالات متفاوتة الخطورة.
هاته الإجراءات العقابية وما قبلها والتي تتخذ من أجل معالجة ظاهرة العنف داخل وخارج الملاعب والتي يكون “أبطالها” في الغالب من فئة الشباب، تعكس اللامبالاة المطلقة من طرف الدولة بمشاكل الشباب الحقيقية، وبالتالي استهتارها بأرواحهم ومعاناة أهاليهم ومستقبلهم ومستقبل البلد ككل.
أرقام وأرقام.
تتجاوز نسبة الشباب 40 في المائة من مجموع السكان، 49 في المائة من هؤلاء الشباب لم يلتحقوا بالمدارس ولا بالقوى العاملة، في حين أن 87 في المائة منهم لا يلتحقون بالتعليم العالي، فيما أورد تقرير للأمم المتحدة أن البطالة تمس الشباب المغربي بنسبة كبيرة وفي غالب الأحيان لفترات طويلة، إذ يمثل معدل البطالة وسط الشباب بين 15 و24 سنة، حوالي ضعف معدل البطالة، وأن حاملي الشهادات العليا العاطلين لمدة طويلة يمثلون 74.4 في المائة، فيما تتجاوز نسبة الإدمان وسط الشباب 30 في المائة.
أما فيما يتعلق بمستوى مشاركة الشباب في العمل السياسي والمدني، فتقدر نسبة الشباب المشاركين في الأحزاب السياسية ب 1 في المائة فقط علما أن عدد الأحزاب في المغرب بلغ 35 حزبا وأن الميزانية المخصصة لهاته الأحزاب تبلغ 80 مليار درهم، ويشارك 9 في المائة من الشباب في الأنشطة الجمعوية مع العلم أن عدد الجمعيات تجاوز 116 ألف جمعية وأن الميزانية المخصصة لهاته الجمعيات تقدر ب 900 مليار سنتيم.
أمام هاته الأرقام المفزعة، أليس من المفترض على الماسكين بزمام الحكم أن يطرحوا العديد من الأسئلة من قبيل: أين يمضي هؤلاء الشباب وقتهم، وفيم يفكرون؟ ما سبب عزوفهم عن العمل السياسي والمدني؟ ما سبب ارتفاع نسب الإدمان والإجرام في صفوفهم؟
وغيرها من الأسئلة التي مادام من يعنيهم الأمر لا يطرحونها فإن أجوبتها ستتفجر كل يوم في ملاعبنا وأزقتنا ومؤسساتنا منذرة بمستقبل عنيف، مضطرب وغامض.
مداخل الإنقاذ
- المدخل التربوي: إن أحداث العنف المتوالية تؤكد زيف شعارات النموذج الديني المغربي الذي لم يستطع تحصين شبابه من نزعات الحقد والكراهية والعنف، وبالتالي فمن الواجب رفع الوصاية المخزنية عن الحقل الديني، وتحرير المساجد والأئمة والحركات الدعوية للقيام بدورهم المركزي في تربية الشباب وتنشئتهم على قيم الرفق والمحبة.
- المدخل التأطيري: احتكار الدولة في المغرب لكل شيء وسعيها لوضع يدها التحكمية في كل شيء يعيق انخراط الشباب في العمل المدني والسياسي بالإضافة إلى فقدان هذين الأخيرين لأبسط شروط المصداقية والدمقراطية وبالتالي فعزوف الشباب يبقى سلوكا طبيعيا أمام الانغلاق التي تعرفه هاته الفضاءات، في أفق ترسيخ الحرية واحترام الطاقات والإبداعات الشبابية.
- المدخل التعليمي: لقد وصلت المنظومة التعليمية إلى نقطة الانهيار الكامل التي لم يعد صناع القرار قادرين معها على “إبداع” جرعات مسكنة لأمراضها المزمنة، مما يفرض فتح حوار مجتمعي شامل ومتحرر من كافة القيود يعبد الطريق للخروج من نفق الفشل المزمن بعيدا عن المقاربة المخزنية الاستفرادية التي أوصلتنا لهذا الوضع.
- التأهيل وإعادة الإدماج: الواقع أن الشاب الذي يغادر السجن يجد نفسه في المجتمع ك «طفيلي«مرفوض منبوذ، تصاحبه خطيئته كوصمة عار يحرم بموجبها من كثير من حقوقه في غياب أي مصاحبة أو اهتمام، وعليه فبدل إنفاق الملايين في المهرجانات التافهة والبرامج السفيهة، فالأحرى إنشاء مراكز للعلاج من الإدمان والتكوين والتأهيل لغرض حسن الإدماج في المجتمع.
خلاصة:
إن توفر الإرادة السياسية تعد شرطا حاسما لأي إقلاع شبابي مجتمعي، كما يجب تضافر جهود كل الصادقين في هذا البلد لحماية شبابه من الضياع، وحماية المجتمع من الانهيار.