شكلت معركة طوفان الأقصى تحولا محوريا في المنطقة بل في أرجاء كل المعمورة، تأثير بلغ مداه مختلف النقاط الساخنة في العالم، كتأكيد على أهمية وقيمة فلسطين في الخريطة الدولية، وعلى جميع الأصعدة؛ سياسيا وتاريخيا واقتصاديا. وإن الناظر لتاريخ الصراع القائم بين الكيان الصهيوني النازي والشعب الفلسطيني البطل منذ وعد بلفور إلى الآن, سيلامس عمق وقوة الضربة التي وجهت للاحتلال أولا, ولكل من يدور في فلكه من نظام غربي وأنظمة عربية مطبعة كانت أو خانعة.
مقاومة صلبة بأرض الشهامة والفداء، ونشاط تضامني استثنائي بقلب الجامعات المغربية:
عنوان يلخص أكثر من سنة من الإسناد والزخم النضالي من قِبَل طلاب المغرب الذين حملوا على عاتقهم مناصرة ودعم أعظم قضية في هذا الزمان، قضية الأحرار والحرائر، قضية التحرر والانعتاق من قيود الصهيونية..
مئات من الأشكال الاحتجاجية نظمها مناضلو ومناضلات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ اليوم الموالِي ليوم العبور المقدس، جسدوا من خلالها معاني التلاحم التي تربط الشعبين الفلسطيني والمغربي، والمعروف أنها ليست وليدة اللحظة، بل هي علاقة متينة ضارِبة في غور التاريخ وممتدة منذ معركة حطين التي قادها القائد صلاح الدين الأيوبي فاتح المسجد الأقصى المبارك، حيث ضم جيشه مقاتلين مغاربة شاركوا في صناعة التحرير حينها..
فوفاءً لهذه الأمانة التاريخية، أحيى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمختلف المؤسسات الجامعية المغربية، من شمال الوطن إلى جنوبه أكثر من 450 نشاطا وفعالية تضامنية، تنوعت بين إضرابات شلت الدراسة بالجامعات، تعبيرا من الطلاب عن غضبهم تجاه استمرار تطبيع النظام المغربي مع الكيان اللقيط، زيادة على مسيرات وطنية ومحلية عبر فيها الطلبة بصوت عال عن إدانتهم للصمت الدولي المطبق وإسنادهم للمقاومة بكل أشكالها، حيثما حلت وأينما صدح صوتها، إضافة لندوات دولية ومشاركات إعلامية برز فيها الاتحاد كقوة فاعلة في الميدان.
أوطم: القضية الفلسطينية محور النضال الطلابي
تنص مقتضيات المؤتمر الوطني 16 لأوطم على مركزية القضية الفلسطينية في عمل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب باعتبارها قضية ذات بعد تحرري، وانطلاقا من كون النقابة الطلابية العتيدة قد اتخذت التقدمية شعارا أساسيا لها، فهي دائما تصطف لجانب النضالات العادلة والمشروعة داخل رقعة المغرب الجغرافية أو خارجها، تعبيرا منها على أن حدود سايس بيكو لن تحد القضايا المصيرية التحررية، ولن تعزل بعضها عن بعض، بل إن السابع من أكتوبر جاء لكل الشعوب المؤمنة بالحرية والعدالة، لكي تشق طريقها بشكل واضح نحو التحرر، وهذا ما خاض فيه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بكل فروعه بمعية طلبة الجامعة المغربية خلال سنة كاملة، ليُجدر في الأذهان أن القضية الفلسطينية محور النضال الطلابي.
الحركة الطلابية المغربية والطوفان:
لا ينكر متابع للشأن السياسي والاجتماعي، أن طوفان الأقصى أحدث رجة قوية في الجسم الطلابي المغربي، أحيى القلوب قبل العقول، وأيقظ ضمير كل طالب حر يسعى نحو تغيير المعادلات السياسية التي فرضها الغرب بالقوة في كل شبر تمتد إليه الأمة الإسلامية، وكان من ارتدادات هذه الرجّة التاريخية أن الساحة الجامعية عرفت تحركا لافتا شاركت فيه جميع المكونات، من طلبة وأساتذة باحثين وموظفين، في تعبير واضح عن اشتراك مكونات الجامعة المغربية في مبدأ الانتصار للحق الفلسطيني..
وبهذا، كان طوفان الأقصى فرصة سانحة من أجل غرس وترسيخ القضية الفلسطينية بشكل أكبر في وجدان شباب الجامعة، بعد محاولات النظام المغربي مسخ الهوية النضالية والثقافية عبر اتفاقيات الشراكة مع جامعات الكيان.
النظام المغربي في ورطة:
إن توالي منع النظام المخزني للأنشطة الطلابية الأوطمية، لا يزيدنا إلا اقتناعا بقوة صوتنا ورمزيته، رغم كل التضييق المستمر الذي نتعرض له، ووجب أن نذكر في هذا الصدد ما جرى بملتقى القدس السادس بجامعة عبد المالك السعدي 2024 بتطوان؛ حيث تم إغلاق الجامعة لمدة 3 أيام، في إعلان واضح عن اصطفاف النظام السياسي بالمغرب إلى جانب قاتلي الرضع والخدج، في تعارض واضح مع الإرادة الطلابية الداعية لإسقاط كل أشكال التطبيع المعلنة وغير المعلنة مع الاحتلال الغاشم، ويُضاف هذا إلى ملتقى القدس الخامس بالقنيطرة سنة 2022، والملتقى الطلابي الوطني 17 بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء سنة 2023..
لكن، إن هذا التضييق المستمر على أنشطة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لا يعبر عن قوة النظام السياسي بالمغرب، بقدر ما يعبر عن الورطة التي يضع نفسه في كل مرة داخلها، فقدْ فَقَدَ كل المخارج المعقولة الممكنة، فما عاد هُناك بُدٌّ من التضييق والحصار الذي يحاول من خلاله تقليص الضغط عليه..
وفي الأخير، إن أبطال أمتنا ولحدود الساعة، ما زالُوا يثخنون في العدو الجراح، في مشهد بطولي عجز الجميع عن فهمه وتحليله، رغم تكالب من يحيط بهم عليهم، وإننا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنواصل الدعم والإسناد، رغم جميع العراقيل والتحديات التي تحاول ثنينا عن نصرة إخوتنا بغزة والضفة وفي كل ربوع الوطن المحتل.