سحنون: لا غنى عن حركة طلابية قوية تساهم في التغيير الحقيقي
أجرى موقع الجماعة نت حوارا مع الأستاذ عبد الكبير سحنون، الكاتب العام للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، تناول عدة قضايا تهم الإشكالات والتحديات التي تعترض العمل الطلابي في المرحلة الراهنة، وما تعانيه الجامعة المغربية من السياسات المخزنية، خاصة مع الضوء الأخضر للمجلس الأعلى للتربية والتعليم لرفع مجانية التعليم. وفيما يلي النص الكامل للحوار تعميما للفائدة.
أطلقتم مؤخرا حملة وطنية بمختلف الجامعات المغربية، للتنديد بما اعتبرتموها “سياسات الدولة تجاه الشباب عموما والجامعة خصوصا”، هل يمكن أن توضح لنا الخطوط العريضة لهذه السياسات؟
بداية أشكر موقع الجماعة نت على الاستضافة الكريمة، طبعا سياسات الدولة العبثية والارتجالية اتجاه الشباب عموما واتجاه الجامعة والتعليم بشكل خاص تنذر بكوارث خطيرة ظهرت ملامحها منذ مدة ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، فالفشل الذريع لكل المقاربات “الإصلاحية” لمنظومة التعليم والتدابير الترقيعية الشاردة التي لا تزيد الوضع إلا تأزما، واتخاذ مجموعة من الإجراءات المرفوضة آخرها العمل بالعقدة ثم الذهاب نحو إلغاء مجانية التعليم العمومي بالثانوي والعالي، وغيرها من القرارات اللاشعبية التي تهدف أساسا إلى تفويت هذا القطاع الحيوي إلى سماسرة القطاع الخاص، وجعله قطاعا استثماريا يتبع لقانون السوق الاقتصادية، كل هذا في الوقت الذي تتفشى فيه ظاهرة البطالة بشكل كبير بين حملة الشواهد ويحتل تعليمنا ذيل التصنيفات العالمية، وتتسع الفوارق الاجتماعية بين مختلف شراح المجتمع المغربي… ولهذا وبناء على عشرات الملفات الاحتجاجية اليومية التي يسهر مناضلو الاتحاد على تأطيرها بمختلف الجامعات المغربية، احتجاجا على المشاكل البيداغوجية، والتأخر في فتح الأحياء والمطاعم الجامعية، ومشاكل النقل وتأخير المنح. واستحضارا لما يعرفه المجتمع عموما والجامعة على وجه الخصوص من احتقان أعلنا خلال هذا الأسبوع عن حملة للاحتجاج الوطني في مختلف الجامعات المغربية.
لماذا في نظركم تتعمد الدولة إضعاف الجامعة وتهميشها؟
دائما كانت الجامعة والحركة الطلابية بشكل عام شوكة في حلق الأنظمة الاستبدادية، وكانت سدا منيعا في وجه السياسات اللاشعبية بفضل نضالاتها وتضحيتها ووقوفها في مقدمة المدافعين عن حرية الشعب وكرامته والمطالبين بإحقاق الحق والعدل، مما جعل الدولة ومنذ مدة طويلة تحاول أن تضعف الجامعة وتفرغها من كل معاني النضال والصمود وتعزلها عن محيطها المجتمعي عبر سياسات التهميش والتمييع والتضييق على العمل الطلابي والحريات النقابية، وما الحظر العملي الذي لا يزال يعيشه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وهياكله الشرعية إلى غاية اليوم إلا مظهر من مظاهر هذه الحرب الشعواء على الجامعة، لكن بفضل الصمود الكبير الذي أبان عنه طلاب المغرب ومناضلو الاتحاد فإن هذه السياسات لم تحقق مبتغاها.
أمام هذه السياسات التي تعتمدها الدولة تجاه الجامعة، ألا تزال هذه الأخيرة تحتفظ بقيمتها العلمية والتأطيرية والإشعاعية التي أنشئت لأجلها؟
فعلا كما أشرت سابقا فالدولة رغم انتهاجها لسياسات التهميش والتضييق ومحاولة عزل الجامعة عن محيطها إلا أنها لم تنجح بشكل كبير في ذلك بفضل يقظة مناضلي الاتحاد وصمودهم، فلا غنى للمجتمع عن جامعة قوية مشعة، ولا غنى للحراك الاجتماعي عن حركة طلابية قوية تساهم في التغيير الحقيقي بل وتكون رأس رمح في مواجهة المخططات والسياسات الرامة إلى تكريس واقع التخلف والاستبداد في هذا البلد، لذا فحفاظ الجامعة على دورها التأطيري والاشعاعي وقيمتها العلمية هي رهان كبير يجب أن تتألف حوله كل قوى المجتمع الحية وفي مقدمتها الحركة الطلابية المغربية.
هل لك أن تقرب إلى القراء والمتتبعين واقع الجامعة المغربية اليوم وعلى مختلف المستويات؟
الجامعة المغربية اليوم للأسف ليست بخير، على جميع المستويات: اكتظاظ في المدرجات والأقسام، نقص حاد وكبير في الموارد البشرية والتجهيزات والمختبرات، اعتماد مقررات ومناهج بعيدة كل البعد عن هوية الشعب ومتطلبات سوق الشغل، وضعية اجتماعية مزرية للطالب المغربي، منحة هزيلة إن توفرت، نقل جامعي متهالك، أحياء جامعية لا تسع الغالبية العظمى للطلبة، مشاكل بيداغوجية بالجملة…
الجامعة المغربية تعيش بركات مسلسلات الفشل المتوالية تحرم أجيال من أبناء هذا الوطن من تعليم جيد وعيش حر وكريم، ولعل بعض تجليات هذه الأزمة الخانقة برزت في العديد من الاحتجاجات التي همت فئات واسعة ومختلفة، فبعد الأساتذة المتدربين والطلبة الأطباء، يطفو على السطح ملف خريجي البرنامج الحكومي 10000 إطار، وملف طلبة المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية، وملف المدرسة الوطنية العليا للكهرباء والميكانيك…
ما أهم الإشكالات والتحديات التي تعترض العمل الطلابي في المرحلة الراهنة؟ وكيف تعملون على تجاوزها؟
مادامت الجامعة في وضع أزمة خانقة فإن الرهانات والتحديات المطروحة كبيرة وكثيرة، فالعمل الطلابي يحتاج إلى وعي بالمرحلة الحساسة ووحدة ونضال متواصل ومستمر من أجل تحصين المكتسبات والدفاع عن الحقوق، يحتاج إلى نفس طويل ومحاربة اليأس وبعث الأمل في الأجيال الصاعدة حتى تكون عند مستوى اللحظة التاريخية وتدافع عن تاريخ أجيال من المناضلين، الرهانات كبيرة بقدر كبر الإشكالات ونحن نعمل في قيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بتنسيق وتعاون مع مختلف فروعنا في الجامعات المغربية على رفع الوعي الطلابي وقيادة معارك نضالية محلية وتنظيم أنشطة نقابية وثقافية من أجل جعل الحركة الطلابية تقوم بدورها التاريخي في تحصين الجامعة المغربية والدفاع عن التعليم العمومي والمساهمة في النضال الوطني والحراك الشعبي لمختلف الفئات والشرائح.
تأتي هذه الحملة في وقت أعطى فيه المجلس الأعلى للتربية والتعليم الضوء الأخضر لرفع مجانية التعليم، ما قراءتكم؟
نعم للأسف بعد مسلسل طويل عريض من التخريب الممنهج للمنظومة التعليمية في المغرب عبر مخططات الفشل المتلاحقة التي نجني ويلاتها اليوم (أجيال من الضحايا، معطلون بالملايين، مؤخرة الترتيب في جميع المؤشرات، بنيات تحتية متهالكة، اكتظاظ مهول، مقاربات بيداغوجية فاشلة…)، وفي الوقت الذي تتزايد فيه أصوات المطالبين بإقرار إصلاح حقيقي وعميق من أجل تعليم يرقى لمستوى التطلعات. وبعد سلسلة المشاورات والمناورات التي سهر عليها المجلس الأعلى للتربية والتكوين تتجه الدولة بخطى حثيثة إلى تتويج هذا المسار الفاشل بخطوة متهورة خطيرة ستدق آخر مسمار في نعش التعليم العمومي بهذا الوطن الجريح وهي “إلغاء مجانية التعليم”.
لا عذر اليوم لكل غيور على هذا الوطن وأبنائه، أفرادا وهيئات ومنظمات وجمعيات ونقابات… فالسكوت مذلة وهوان وتسليم لأجيال من أبناء الوطن إلى مقصلة الجهل والتخلف والتقهقر، والواجب هو التصدي بكل قوة ووحدة وعزم لهذه المخططات الرامية إلى تأبيد الفساد والاستبداد والتخلف وحرمان هذا الشعب من حقه في العدل والكرامة والحرية …
ما برنامجكم النضالي والإشعاعي والتثقيفي الذي سطرتموه لهذه السنة؟
بفضل العمل الجاد لهياكل الاتحاد بدءا من التعاضديات بالكليات ومجالس القاطنين بالأحياء الجامعية وصولا إلى مكاتب الفروع على مستوى الجامعات ولجنة التنسيق الوطنية، وبعد الحضور المتميز في محطة الدخول الجامعي واستقبال الطلبة الجدد بالجامعات انطلقت مجموعة من المعارك النقابية المحلية وفق ملفات مطلبية في عدد من الجامعات توجناها خلال هذا الأسبوع بحملة الاحتجاج الوطنية، وستنطلق مختلف الفروع بحول الله بالتوازي مع النضالات المستمرة في تجديد الهياكل عبر الانتخابات الطلابية التي رفعنا لها شعار: “ديموقراطية نزاهة وحدة، من أجل فعل طلابي راشد”، ونحن عازمون على الاستمرار والتصعيد في نضالنا المحلي والوطني وفقا للمستجدات الخطيرة والزحف الكبير على مكتسبات وحقوق الجماهير الطلابية …
أما على المستوى الثقافي فبالإضافة للبرامج الثقافية لجميع فروع الاتحاد فنحن نستعد لتنظيم أكبر تظاهرة طلابية وطنية في المغرب خلال الدورة الثانية “الملتقى الوطني الطلابي الخامس عشر”.