بيطة: إذا كان الساكن في كل المواقف جبانا متخاذلا فإن المندفع فيها كلها متهور أحمق
بـقلم الطالب محمد أمين بيطة – عضو الكتابة الوطنية لأوطم
كثيرون يعتقدون أن الشر يكمن في الجمود والغياب لكن الاندفاع والثرثرة وجه آخر من وجوه الشر والضياع وانعدام الحكمة، فكلاهما يصنعان نصف موقف لا أكثر.
نفس المسلسل الارتجالي يتكرر دائما، رغم أن الحكمة تقول أن العاقل لا يلدغ من الجحر مرتين، ولكن الساسة عندنا يمتهنون تكرار الفشل، بل يبدعون فيه بشتى أنواع الوسائل، يكذبون الكذبة ويصدقونها وينتظرون منا تصديقها.
هذا النموذج ينطبق على كل قطاعات ومؤسسات الدولة، والتعليم واحد من هذه القطاعات، والجامعات واحدة من هذه المؤسسات، بعيدا عن الارقام المنفوخة والكلام المعسول المحفز والنبرة الجادة، فإن الواقع الملموس المعاش يقول شيئا آخرا..
كما تقول القاعدة “بالمثال يتضح المقال” جامعة ابن طفيل نموذجا، والتي تتكون من خمس كليات بالإضافة إلى المعاهد والمدارس العليا، لكن محور الموضوع هو الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، خمس كليات واحدة منها فقط اعتمدت التعليم الحضوري وباقي الكليات اعتمدوا التعليم عن بعد، هذا التمايز في صيغة التعليم لا يعلم أي طالب ما سببه، ولا ماهية المعايير المعتمدة في إقرار صيغة التعليم، هذا إذا كانت هنالك معايير من الأساس.
نأتي إلى الإشكالية الأساسية التي تجعل من هذا التمايز تفضيلا وانعداما لتكافؤ الفرص، قضية الامتحانات التي تكشف المستور وتعري على الواقع وتفضح زيف الشعارات – أحياء جامعية مغلقة، أسعار مضاعفة في النقل، تأجيلات متوالية للامتحانات، أسعار الكراء الخيالية، تأخير في صرف المنح..- فعندما نصل إلى الامتحانات تتوالى التساؤلات: أين تكافؤ الفرص في كل هذا؟ أين مراعات ظروف الطلبة؟ أين المقاربة التشاركية؟
صحيح أن المسألة معقدة وتتداخل فيها مجموعة من الأطراف لكن، ما ذنب الطالب في كل هذا التطاحن السياسي؟وما هو مصير الجامعات بعد استفحال الارتجالية والاستعجال؟
فإذا كان الوعي والتقدم في العالم يقاس انطلاقا من الجامعات ومستواها التعليمي والتكويني والتدبيري فإنه وبدون شك سنكون في مؤخرة الترتيب، ولن نتمكن من النهوض بالتعليم ما دام الساسة ومتخدي القرار يستفردون بالقرارات ويستعجلون تنزيلها وتنفيذها، ويحملون الطالب والتلميذ والأستاذ نتيجة فشلها.