بيان: جائحة كورونا كشفت فشل تدبير قطاع التعليم العالي والبحث العلمي
بسم الله الرحمان الرحيم
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
الكتابة الوطنية
بيان
جائحة كورونا كشفت فشل تدبير قطاع التعليم العالي والبحث العلمي
في سياق استمرار فرض حالة الطوارئ الصحية، تظل الوزارة الوصية على التعليم العالي وفية لنهجها التواصلي الشكلي من خلال إصدار بلاغات فضفاضة لا تٌفصّل في شيء، ولا تقدم أجوبة واضحة وكافية تزيل اللبس وتكشف عن الإجراءات المواكبة والمصاحبة لتنزيل قراراتها، رغم حساسية المرحلة وخصوصية القطاع.
فمنذ الإعلان عن تاريخ إجراء الامتحانات الجامعية يوم 18 ماي، لم يصدر عنها لحدود الساعة أي خطة تكشف عن طريقة تدبير هذه الامتحانات التي سيجتازها قرابة مليون طالب وطالبة، كما أن الجامعات اكتفت فقط بالإعلان عن تاريخ الامتحانات والإشارة إلى أنها ستعتمد على المحاضرات والدروس الحضورية فقط، دون الحديث عن التدابير الاحترازية الضرورية التي بدونها قد تتحول المؤسسات الجامعية إبان الامتحانات إلى بؤر لنقل الفيروس، وهذا أمر وارد الوقوع بالنظر إلى الارتفاع الصاروخي في أعداد المصابين واستقبال الجامعات لطلاب ينحدرون من مناطق يتفشى فيها الوباء، وبالنظر كذلك إلى واقع الاكتظاظ الذي تعاني منه غالبية المؤسسات والذي تزداد حدته عند الامتحانات، حيث تنكشف حقيقة البنيات التحتية والقدرات الاستيعابية للمؤسسات، لذلك فغياب رؤية واضحة وخطة جدية لتدبير هذا الواقع سيكون عبارة عن مقامرة حقيقية بحياة الآلاف من الطلبة والآلاف من الأطر الإدارية والتربوية.
وما يزيد الطين بلة هو استمرار إقفال الأحياء الجامعية. أليس عبثا أن تعلن الوزارة عن موعد الامتحانات وتبقي على غلق الأحياء الجامعية التي تحتضن عددا كبيرا من الطلاب المنحدرين من مناطق مختلفة وبعيدة؟ إلى أين سيذهب هؤلاء الطلاب؟ ما هو البديل الذي تقدمه الجهات الوصية لجميع الطلاب سواء المسجلين بالأحياء أو الآلاف من الطلاب الوافدين الذين أرغمتهم جائحة كورونا على ترك البيوت المكراة خوفا من تحمل نفقاتها؟
للأسف الوزارة اختارت التهرب دون تقديم بدائل واقعية لإيواء الطلبة وتوفير كل الشروط الاجتماعية من إيواء ونقل مجاني، وكذا الشروط الصحية اللازمة حفاظا على أرواحهم وحماية لصحتهم البدنية والنفسية. هذا التدبير الأعوج يبين بما لا يدع مجالا للشك قيمة التعليم العالي داخل المنظومة المخزنية، ويؤكد أن مستقبل الجامعة ومصير مليون طالب مغربي ليس ضمن الأولويات، ويكشف عن درجة تحكم الأجهزة الأمنية في القرار التربوي والبيداغوجي.
إن ما يؤكد أيضا غياب الرؤية في التعامل مع واقع التعليم العالي في هذه الظرفية؛ هو عدم الحسم إلى الآن في طريقة التعليم، هل سيكون حضوريا أو عن بعد أو هما معا، هذا الأمر يؤكد أن الجهات المعنية تعتبر التعليم عن بعد مجرد قرار يمكن اتخاذه في أي لحظة وليس خيارا له شروطه الاجتماعية والتربوية والبيداغوجية ويتطلب توفير بنيات تحتية رقمية وتأهيل الموارد البشرية، فهذا المنطق في التدبير يؤشر على عدم استفادة الجهات الرسمية من دروس كورونا التي أكدت على ضرورة دعم التعليم العالي والبحث العلمي وجعله ضمن الأولويات.
ولم تكن كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بعيدةً عن هذا التدبير الذي تحكمه مصالح سياسية لا تخدم التكوين الجامعي العمومي، فقد اعتمدت الوزارة الوصية معدل “12” عتبة لاجتياز مباراة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان. هذا التخفيض في العتبة سيكون منصفا ومُحقِّقا لتكافؤ الفرص المنشود لولا هزالة العدد المطلوب الذي هو 3000 مترشح مقابل اجتياز 56 ألف و600 مترشح للمباراة، ما نسبته %5 فقط، وعدم الإعلان على نتائج المباراة لمعرفة نسبة نجاح أصحاب ميزة “مستحسن”، والاكتفاء فقط بإخبار كل مترشح بنتائجه الخاصة، أحاط هذا القرار بالكثير من الشبهات، وجعل الجميع يتساءل عن مظاهر وتجليات هذا التكافؤ المزعوم، لأن القرار كرّس في الواقع شيئا آخر، وجعل المستفيد الوحيد كليات الطب الخاصة التي من مصلحتها تخفيض العتبة لاستقبال أعداد مضاعفة حرمت من استقبالها خلال السنوات الماضية.
بناءً على ما سبق، وفي ظل تراخي الوزارة الوصية وعدم تبنيها لتواصل واضح وشفاف وبعيد عن الضبابية ولغة البلاغات الجافة، نعلن للرأي العام والطلابي ما يلي:
- مطالبتنا الوزارة والمؤسسات الجامعية بالإعلان العاجل عن رؤيتهم وطريقة تدبيرهم لعملية الامتحانات والدخول الجامعي بشكل تفصيلي وجاد، يُطمئن الطلاب ويجيب على جميع تساؤلاتهم؛
- استنكارنا استمرار غلق المؤسسات الجامعية للأحياء الجامعية في ظل بقاء موعد الامتحانات على ما هو عليه، دون الاكتراث لحالة الطلاب الاجتماعية والنفسية، ونطالب الوزارة بتوفير بديل مُقنع أو فتح الأحياء والسهر على توفير كل ما يضمن للطلاب سلامتهم الصحية؛
- تنبيهنا الوزارة أن كل تأخر في اتخاذ التدابير الاستباقية اللازمة، وفي توفير كل الظروف المصاحبة لنجاح عملية الامتحانات والدخول الجامعي، سيؤدي إلى المقامرة بحياة الآلاف من الطلاب والآلاف من الأساتذة والإداريين؛
- دعوتنا الوزارة الوصية إلى إعادة النظر في منظومة “التعليم عن بعد“، والذي لم يصدر بشأنه إلى الآن أي تقييم للكشف عن مدى نجاحه ونجاعته من عدمهما. مع ضرورة العمل بجدية لتوفير الشروط الاجتماعية والتقنية والبيداغوجية؛
- تنديدنا بمنهجية تدبير مباراة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، لعدم وجود تناسب بين أعداد المترشحين والمقبولين ولعدم الإعلان عن نتائج المباراة المفصلة للعموم لمعرفة تحقق تكافؤ الفرص من عدمه؛
- استنكارنا وتنديدنا للحكم الجائر الصادر من المحكمة الابتدائية بأكادير القاضي برفض الطعن في قرار الطرد الصادر في حق مناضلي الاتحاد بكلية العلوم، ودعوتنا الوزارة الوصية للتدخل وتوقيف هذه المهزلة، وعزمنا الاستمرار في الدفاع عن قضيتهم؛
- دعوتنا كل الطلاب وجميع المواطنين إلى مزيد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية، والاستمرار في حملة توعية وتحسيس أبناء الشعب المغربي لمنع تفشي الوباء.
الكتابة الوطنية
18 غشت 2020