ان المتتبع لتاريخ الحركة الطلابية عموما و الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خصوصا لا بد له من ان يجد فترات انتصار و انكسار لهدا الاطار العتيد بمختلف قياداته التي تلاحقت عليه مند نشأته سنة 1956، و الباحث في تاريخ هذه المنظمة العتيدة سيجد انها بالرغم من اختلاف إيديولوجيات الفصائل الطلابية التي قادتها فقد كانت دائما شوكة في حلق المخزن من خلال مواقفها في مختلف القضايا الطلابية و الوطنية.
نشأ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بين أحضان حزب الاستقلال ابان المؤتمر التأسيسي في دجنبر 1956 بحضور ولي العهد انداك الحسن الثاني رحمه الله كرئيس شرفي له، و تلك كانت اشارة قوية على ان أوطم اريد له ان يكون العين الرقيبة للنظام داخل الجامعة المغربية لكن سرعان ما سينقلب السحر على الساحر كما سنرى فيما بعد.
بعد انتهاء أشغال المؤتمر التأسيسي تولى حزب الاستقلال قيادة المنظمة و كان الاتحاد أثناء هذه الولاية مؤيدا لجميع مواقف النظام الى حدود المؤتمر الثاني لكن الامور عرفت منحى اخر انطلاقا من انعقاد المؤتمر الثالث.
انعقد المؤتمر الثالث للاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنة 1958 لتبرز بعده اهم مشكلة واجهت الحركة الطلابية المغربية خلال هذه المرحلة المتجلية في تأرجح هذه الاخيرة بين تيارين متصارعين داخل حزب الاستقلال حيث انتهى الامر بانشقاق الحزب و تأسيس حزب جديد هو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 ذي التوجهات اليسارية، هذا الاخيراصبح في قيادة المنظمة الطلابية لتصبح أوطم منظمة موازية لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و ناطقة باسمه في الوسط الطلابي، و من هنا سيظهر مشكل اخر واجهته الحركة الطلابية و هو الانقسام التنظيمي حيث بادر حزب الاستقلال مع مطلع الستينات من القرن الماضي الى تأسيس تنظيم طلابي خاص به و هو الاتحاد العام لطلبة المغرب، فأضحى الصراع عموديا بين الحركة الطلابية و السلطة السياسية من جهة و افقيا بين مكونات الحركة الطلابية من جهة اخرى، و استمر الحال هكذا الى حدود 1969 تاريخ انعقاد المؤتمر الثالث عشر للمنظمة الطلابية، حيث عرفت الجامعات المغربية حلقات نقاش بين مجموعة من الطلبة تؤثروا بثورة الطلاب التي عاشتها فرنسا سنة 1968 حيث ساد بينهم الاعتقاد ان الطلبة يشكلون القوة الاساسية للتغيير، وانطلاقا من هذا التصور و من قلب الجامعة المغربية تم الاعلان عن تأسيس الحركة الماركسية اللينينية المغربية التي ترى في المنظمة الطلابية حزبا سياسيا ينبغي ان يباشر مهام التغيير السياسي بدل الاحزاب السياسية التي اتهمتها بكونها احزاب اصلاحية متواطئة مع النظام الحاكم، هذا المولود اليساري الجديد وجد له مكان رحبا في احضان المؤتمر الخامس عشر و استولى على قيادته ليصدر عقبه ما يسمى بالبيان السياسي الذي كان بيانا جريئا اهم ما جاء فيه التشديد على دكتاتورية النظام الحاكم و كذا حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، لينتهي في الاخير بصدور الحظر القانوني للمنظمة بتاريخ 24 يناير1973 مما أدخل الحركة الطلابية بين سنتي 1973 و 1978 في فترة من التيه و الفراغ التنظيمي تعرضت خلاله لقمع ممنهج، غير ان رغبة المؤسسة الملكية في تحقيق اجماع وطني حول قضية الصحراء بعد استرجاعها سنة 1975 ستدفعها الى انتهاج سياسة منفتحة تجاه القوى السياسية، و هذا الانفتاح لم يكن ليكتمل بدون احداث تصالح مع الحركة الطلابية التي كانت تشكل عماد بعض الاحزاب السياسية التي كانت تراهن عليها المؤسسة الملكية لتلعب دورا في مسلسل الانفتاح السياسي.
في هذا الاطار رفع الحظر القانوني عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بتاريخ 9 نونبر 1978 في سياق توافق بين النظام الحاكم و الاحزاب الاصلاحية ليعقد مؤتمره السادس عشر سنة 1979 تحت مراقبة احزاب اليسار خصوصا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي انشق عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1975، وبعد سنتين من ذلك انعقد المؤتمر السابع عشر لاوطم في 22 غشت 1981 و انطلقت اشغاله بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط ليختتم بمقر المنظمة، حيث دخل الى المؤتمر 4 فصائل طلابية متمثلة في
_ طلبة الاتحاد الاشتراكي
_طلبة التقدم و الاشتراكية
_الطلبة القاعديون
_ طلبة الرفاق الشهداء
و تجدر الاشارة الى ان طلبة الاتحاد الاشتراكي دخل الى المؤتمر بجسد دو رأسين وذلك راجع الى انشقاق طلبة الرفاق الشهداء عن طلبة الاتحاد الاشتراكي حيث طالب الرفاق الشهداء تمثيلهم كلائحة داخل المؤتمر لكن الخط الاصلي رفض الاعتراف بهم واستمر الأخذ و الرد هكذا لأيام لينسحب طلبة الاتحاد الاشتراكي من المؤتمر دون ان ينجح المؤتمرون او ما تبقى منهم من افراز قيادة حقيقية و اصدار مقررات و برامج نضالية في المستوى المطلوب و اكتفوا بإعادة الثقة في بعض اعضاء اللجنة التنفيذية السابقة حيث تبنى المؤتمرون و في اخر المطاف فكرة تأجيل المؤتمر لعقد مؤتمر استثنائي اكثر وحدوية و منذ تلك اللحظة و الجماهير الطلابية تنتظر هذا المؤتمر الى ان تلاشت فكرته نهائيا عند اغلبية الفصائل الطلابية التي استمرت في نشاطها الطلابي لحدود الان ما عدا محاولة جريئة و جدية من طرف فصيل طلبة العدل و الاحسان سنة 2002 حيث دعا كل الفصائل و المكونات الطلابية للمشاركة في عقد المؤتمر الاستثنائي لكنه تم تعليقه بسبب عدم استجابة اي فصيل.
ان فشل المؤتمر السابع عشر ترتب عنه فراغ تنظيمي تم استغلاله من طرف النظام لتمرير مجموعة من المخططات اهمها ما سمي بالإصلاح الجامعي ليستمر الحال هكذا الى حدود 1991 السنة التي ولج فيها الاسلاميين الجامعة المغربية كتنظيمات معلنة كان اهمها فصيل طلبة العدل و الاحسان الذي تبنى الى جانب الطلبة التجديديين او ما يطلق عليهم حاليا بطلبة الوحدة و التواصل هيكلة الاتحاد و قاموا بإعادة بناء هياكل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بجل الجامعات المغربية الى حدود لجنة التنسيق الوطنية انطلاقا من مقررات المؤتمر السادس عشر اخر مؤتمر ناجح للمنظمة، ولكن لحسابات سياسية ضيقة سرعان ما انسحب فصيل طلبة الوحدة و التواصل من الهياكل الاوطامية ليؤسس بعد ذلك منظمة التجديد الطلابي كمنظمة موازية او بديلة لأوطم حسب منظور كل فصيل طلابي.
ليستمر فصيل طلبة العدل و الاحسان في تشييد الهياكل الاوطامية و تقويتها بالرغم من القمع المسلط عليه من طرف النظام، و كذلك تهرب جل الفصائل الطلابية من مسؤولية المساهمة في اعادة بناء الاتحاد.
بقلم: الطالب محمد لطفي