تصدير مسألة المساواة و المناصفة و كذا تحرير المرأة و هلم جرا من المصطلحات و المفاهيم، ليست كما يسميها أبناء المدرسة الإستعمارية الذين قد يحملون حقدا دفينا للإسلام، في《إطار إستيراد و تصدير (القيم الكونية)》. إنما هي محض تصدير أزمة ممنهج إلى الدول و المجتمعات الإسلامية لأنه لا ينم حقيقة عن رفض مسؤول لواقع المرأة المتأزم و قومة ضد كل أشكال الحيف و الإنتقاص من حقوق المرأة بأي مبرر من المبررات وهذا ما تؤكده الممارسة على أرض الواقع و يتجلى أيضا بوضوح في الخطأ التاريخي و السياسي عند هؤلاء من يسمون أنفسهم مدافعين عن حقوق المرأة و يتصفون بالعقلانية و يدينون بنسبية الأشياء و تطورها و يتوسلون التحليل العلمي داخل مجتمعاتنا و يرجع سبب وصفي لأفكارهم و ممارستهم التي تنطلق من أفكار بالخاطئة تاريخيا و سياسيا إلى توجيههم لمعركة المرأة عكس اتجاهها الصحيح ضد الظلم و الفساد و الإستبداد و ما يترتب عنه من هضم لحقوق الناس و من بينهم المرأة بل نجدهم من خلال أنشطتهم و تحركاتهم يبعثون رسالة مفادها أن النضال من أجل تمكين المرأة و تحسين أوضاعها هو معركة ضد الدين و الهوية بزعم أن الإسلام يضطهد المرأة يحط من شأنها و يغمطهاحقوقها و هذا خطأ تاريخي ندعوهم عبره من أجل تصحيحه إلى قراءة لقضية المرأة في الفكر الإسلامي و التاريخ الإسلامي قراءة موضوعية لا قراءة متحاملة على الإسلام إضافة إلى ما سبق ذكره ما يجهله متبنوا هذا التوجه من أبناء مجتمعاتنا أن تصورهم و تشخيصهم الخاطئ لقضية المرأة قد يضعف الحركة النسوية و ذلك بعزلها عن المجتمع و قيمه الثابتة و يعطيها مواقع هامشية في المعركة الحقيقية ضد الظلم و الفساد و الإستبداد الجاثم على صدور أبناء الوطن امرأة و رجلا و التي الفوز و الإنتصار فيها كفيل بتحقيق العدل على كل المستويات للمجتمع و على رأسه المرأة فانحطاط المرأة بانحطاط الأمة و نهضتها بنهضة الأمة ككل لكن يمكن القول أن إعطاء المرأة حقها و مكانتها في المجتمع كما أرادها لها الله جل و عز يمر عبر الإشتغال على جبهات أو بالأصح مسؤوليات تكون المرأة المسلمة أكبر مشارك و مساهم في الإشتغال عليها حاملة لا محمولة. و سبب وصفي للجبهات المطلوب الإشتغال عليها بالمسؤوليات لما لهم من أهمية و محورية في إعطاء إجابة حقيقية صادقة بريئة في قضية المرأة و لما ينشئه الشعور بالمسؤولية من أثر إيجابي في الفعل بل و إن من أوجه المقاومة التي يمكن أن تقف أمام مشروع النهضة في المستقبل كما يحددها الفكر السياسي للإمام عبد السلام ياسين، كل ما له علاقة بالتفريط العملي و السلوكي في الشعور ب”المسؤولية” و يعلق الإمام ياسين في كتاب العدل على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم”كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته” و يقول فيما مضمونه أن تكرار كلمة《مسؤولية》في الحديث تسع مرات رغم صغر حجمه إنما هو ليرسخ عندنا المعنى العميق الساري في كل مناحي الحياة في الدنيا و الآخرة للمسؤولية. نذكر من الجبهات أو المسؤوليات هنا واحدة لا على سبيل الحصر و لكن بما يسمح به المكان و الحويصلة و هذه الجبهة هي جبهة و مسؤولية تجاوز القراءات الفقهية المذهبية الضيقة و ما حصل عليه في المدونات الفقهية مما كان وليد عصره و بيئته، فيه ما أدى دوره الفعال التنويري في تلك المرحلة في تلك المرحلة و فيه أيضا ما خدم غايات و أهداف متأثرا بالعض و الجبر في ظل اعتزال بعض العلماء الشأن العام و قتل و عزل آخرين و الإقتصار على من وال الإستبداد ما أدى إلى إنتقال العالم الإسلامي من أنوار الإجتهاد إلى ظلمات التحجر الفكري و الروحي و لن يتم هذا التجاوز إلا عبر تجديد للدين بإعتبار الحاجة إلى التجديد حاجة عامة تهم النساء و الرجال على حد سواء و إن كان الأمر هنا أشبه ما يكون بالخاص بالمرأة و كذلك عبر إجتهاد إسلامي حقيقي منفتح-فالإسلام بما هو دعوة للعالمين لا تعيش بعيدا عن الناس هو انفتاح- نابع من الكتاب و السنة يستهدي بأخلاق القرآن و بالمنهاج النبوي و علم التزكية “لعلاج الأعطاب البشرية المكدودة المترنحة على شفير النهاية المأساوية..”كما عبر المفكر إدريس مقبول في كتابه “ما وراء السياسة” اجتهاد نتساءل معه فيجيبنا عن ماهية الأزمة التي تعاني منها المرأة المسلمة؟ ما جذورها؟ أين تلك النهضة التي أبرزت أم المؤمنين “خديجة” و أعطت أول شهيدة في الإسلام “سمية بنت الخياط”؟ أين اللاتي جادلن عن حقوقهن فأنزل الله تعالى القرآن يفصل في خصومتهن؟ من هبط بالمرأة إلى واقع الجواري في القصور؟ أو بتعبير آخر أشمل، ما هي الإنحرافات التربوية و الفكرية و السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الفقهية التي عاقت مسيرة المرأة نحو التحرر من الدونية و العبودية لغير الله نحو بناء الذات؟ اجتهاد تكون فيه المرأة أول مشارك و صاحب حصة الأسد فتخرج من التفقه فقط في أحكام النساء للتتطلع إلى ما وراء ذلك و أكبر إلى لعب الدور المحوري في عملية التغيير الشامل فتغييب المرأة و تهميش دورها في عملية التغيير الشامل لهو بمثابة جناية في حق مستقبل الأمة و الإنسانية ككل اجتهاد في غيابه أدت المرأة ثمنا باهضا حيث وجدت نفسها سجينة أعراف مبنية على فقه سد الذرائع عوض أن تتمتع بالحقوق المكفولة لها بالكتاب و السنة فللمرأة المسلمة حقوق سلبها إياها فقه منحبس و و تقاليد رجعية فالمرأة في الإسلام حرة في اختيار زوجها و في إلزام خاطبها بشروط تضعها هي بما فيها عدم التزوج بأخرى و طلب الطلاق و العمل و كذا التصرف بالاستقلالية في مالها… و المرأة في نظ
ر الشرع ليست كما يقول بعض نقصاء العقل من ذكورنا أنها ذلك الكائن المسؤول عن الخطيئة الأصلية حليف الشيطان ضد الإنسان و هي أفكار أقرب إلى أفكار الكنيسة لا تقرب المسجد بصلة و على المرأة أن تتعرف حقوقها و تطالب بالتمتع بها لأن انتشال المجتمعات من براثين الظلم و الإستبداد يتطلب مشاركة الجميع : النساء جنب الرجال تعاونا و تكافلا و تكاملا و توجيها و نصحا و منافسة في الخير . و هنا يأتي دور الحركات النسوية
المثقفات من نساء الصالونات عوض الإنشغال بآية:”للذكر مثل حظ الأنثيين” عن جهل أو كما يسميها “علي شريعتي” “نقاشات الإلهاء” لأنها تخرج بالمعركة عن المسار الصحيح و عوض الدعوة إلى انتشال المرأة من براثن الرجل الفظ الذي لا يريد منها إلا خدمة و عفة وقائية فلسفتها سوء الظن و ظامنها القفل( هكذا تعلم و هكذا يظن) إلى ماهو أنكل و أمر ليلقي بها فريسة سهلة بعد أن تم تزيينها و التخفيف عنها من بعض الملابس الساترة بين مخالب رجل، لتصبح مجرد متاع يتلذذ به و من هنا ندعو أيضا الغرب إلى (إجتهاد) أيضا فالدارس للمجتمعات الإنسانية عبرالتاريخ إلى يومنا هذا يجد أن المجتمعات نظرت إلى المرأة نظرات متباينة تحكمت فيها عوامل كثيرة تاريخية و اجتماعية و ثقافية و سياسية و اقتصادية و دينية فالمجتمع الغربي الأن و من يستهلك منه ينظر إلى المرأة نظرة تبضيعية، اتخذ المرأة بضاعة للتسويق و الإستهلاك كما أن على الحركات النسوية أن تكون واعية بما يحاك و أن ترقى إلى التخلص من السردية المغلقة الغير بريئة المتغربة المتخفية وراء مقولات تحرير المرأة المسلمة و كذا الكونية و العالمية، و الخروج من المحاكات العمياء للغرب إضافة إلى التيه القيمي الذي ينتج عنه و تقودنا إلى المأسات الإجتماعية و الأخلاقية التي تعاني منها المرأة في البلدان المتقدمة و كذا وضع قضية المرأة ضمن السياق الشعبي الهوياتي الإسلامي وفق أولوياتنا و ثوابتنا و أبجدياتنا و أجنداتن لا وفق أجندات و توصيات الأخرين و أيضا التدرج بالمرأة نحو بناء الذات فمعركة المرأة عندنا قد تكون مع المرأة و ذاتها فالشق الذاتي أكبر من الموضوعي هذا دعوة إلى المشترك الإنساني دون مزايدات و هي الثقافة المناضلة الحقة كما يقول فيلسوف الشخصانية الإسلامية “محمد عزيز الحبابي” رحمه الله في “من المنغلق إلى المنفتح..” : “إن الثقافة المناضلة هي و حدها الثقافة الحقة، أما ثقافة التضاهر و المظاهر، ثقافة الأرستقراطية الفكرية،فمثلها كمثل حلي مزور، عقد ذي أحجار مصطنعة، فلربما تفسخت مقومات الثقافة و انقلبت ضررا على المثقفين و خطرا على مجتمعهم، إن كل ثقافة لا ترتفع إلى مستوى الإنسان على وجه الشمول، إنها هراء و عبث”