رأي حر
المرأة في زمن الربيع العربي.
يشاء الله عز وجل لهذه الأمة وهي في قمة الانحطاط السياسي والفكري والحضاري، أن تنهض وتقوم من سباتها الطويل، و تنفض عنها غبار التبعية القرنية، وتتطلع لمستقبل تسطع فيه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مستقبل لا مكان فيه للاستبداد ولا للحكم الطاغوت الذي أضر بالبلاد والعباد .
ربيع عربي انطلق معلنا عن نهاية مرحلة ظالمة وبداية أخرى، نهاية مرحلة كانت للاستبداد الكلمة العليا وبداية مرحلة للشعوب وحدها كلمة الفصل ولها فقط حق الحل والعقد حتى تعود للأمة الهيبة والكرامة .
ربيع مبارك زاهر كان فيه للمرأة الحظ الأوفر في صناعة وإخراج الحلم الكبير إلى أرض الواقع، فالمرأة التي أريد لها أن تكون بضاعة رخيصة في سوق الرأسمالية الجاهلية بعدما أرادت لها أيادي المكر وتجار الوهم أن تصير مختبرا لكل أنواع الموضات الشرقية والغربية وأن تصبح مجرد دمية للعبث و المرح خلافا للمكانة العظيمة والسامية التي شرفها الله سبحانه و تعالى بها .
هاهي نفسها رغم كل هذه المكائد والمخططات خرجت بكل شجاعة وشرف وإرادة إلى ميادين الثورة و التغيير في تونس ومصر وليبيا واليمن وفي سوريا و فلسطين الجريحة، فكانت أم الشهيد و أخته وزوجته بل كانت الشهيدة أيضا، فقد أعطت توكل كرمان و غيرها المثل الحي و الأعلى في نشد التغيير.
ومع هاته المنجزات الميدانية أظهرت المرأة العربية أنها رقم صعب في معادلة التغيير يصعب ازاحته وأنها نصف مهم وأساس قوي لا تنهض الأمة إلا به .
أما المرأة المغربية هي الأخرى نالت نصيبها الأوفر في الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب مع بدايات نسيم الربيع العربي، كانت مع شقيقاتها وأشقائها المقهورين و المهمشين في الموعد، تصدح بشعارات العدل والحرية و الكرامة و الحق في العيش الكريم.
والمتابع للوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة المغربية يجد تناقضا صارخا وبونا شاسعا بين الواقع المأزوم والشعارات الجوفاء التي تلوكها ألسنة “الفاعلين” من قبيل المساواة والادماج في مسلسل التنمية، ومعه يضل – هذا المتابع- مشدودا أمام هذا التناقض، فلا تزال المرأة المغربية تحيا حياة التهميش والأمية والبطالة، ولا زالت عصى المخزن تنزل على جماجم خريجات الجامعات والمعاهد، ولازال العنف بكل أشكاله يمارس عليها، ولازالت النساء في القرى والمناطق الجبلية يعشن ظروفا هي أقرب للعصور الوسطى في غياب تام للرعاية الصحية والاجتماعية. كل هذا في زمن يتحدثون فيه عن حقوق المرأة و مكانتها في المجتمع.
و إن تحدثنا عن المرأة بشكل عام فلا ننسى التحدث عن فئة مهمة في المجتمعات وهي الشباب خاصة طالبات الجامعات، فهن الأخريات يعانين مجموعة من المشاكل انطلاقا من قلة التوجيه إلى انعدام البيداغوجيات، مرورا بالاكتظاظ والسكن الغير اللائق بالاحياء الجامعية ….وغيرها، إلا أنها لم تقف مكتوفة الأيدي فقد شكل الإتحاد الوطني لطلبة المغرب المنظمة العتيدة فخر الأحرار متنفسا لها للتعبير عن همومها ومشاكلها و المطالبة بحقوقها العادلة و المشروعة بشكل سلمي و حضاري رغم المنع والقمع والتضييق، مؤدية واجبها إلى جانب أخيها الطالب.
فالإسلام قبل كل هذا هو من كرم المرأة و نصرها حيث أخرجها من ظلمات الوهم والجور والجهل إلى نور الله تعالى نور الإيمان والسمو به نحو الإحسان وكسر أغلال الظلم ونصر المستضعفين و في مقدمتهم النساء و إعادة لكل ذي حق حقه وبفضله أبانت عما تستطيع فعله في زمن كثر فيه الفساد والاستغلال من أجل إزالة الحيف و الظلم طاعة لله سبحانه و تعالى لا تقليدا لموضة معاصرة أو محاولة إكتساب مصداقية الساحة السياسية.
فتحية إجلال و إكبار لكل نساء العالم، خاصة المرأة الفلسطينية والسورية الفذة وكل إمرأة رفعت عنها ستار المهانة و نفضت عنها الغبار، لاقتحام عقبات التقاليد وعوائق العقل الذي ينبغي أن لا ينقاد إلا للحق وعوائق العادات والأنانيات والذهنيات المتخلفة، فـــ”قضية المومنات لا تحل إلا في إطار حل شامل يُشاركن فيه متزعمات مع الرجال لا تابعات”(كتاب “تنوير المؤمنات” للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، ج 1، ص80).