الكتابة العامة للتنسيق الوطني تُصدر بــيان الدخول الجامعي 2017-2018
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
الكتابة العامة للتنسيق الوطني
بــيان الدخول الجامعي 2017-2018
بسم الله الرحمن الرحيم
إن خلط أوراق الفساد وإعادة ترتيبها؛ لن يصلح من الفساد شيئا. وإن توطيد مواقع رجال الأمن والمال في جهاز الدولة لن يوقف زحف الربيع. أيتها الجماهير الحرة عبر العالم: إن المتتبع للأحداث والمستجدات على المسرح الدولي يرى بالملموس أوراق التوت الأخيرة تسقط تباعا عن عدد من دعاة الانسانية وحقوقها وتتكشف له خيوط مؤامرات الاستكبار العالمي المتوحش ضد اختيارات الشعوب وخيرات أراضيها، كما يرى تزايد جرعات التطبيع الرسمي والعلني في المشرق وفي المغرب مع الكيان الصهيوني الغاصب، ضد قناعات الشعوب استكمالا لخيوط مؤامرة إقبار القضية الفلسطينية، غير أن ما لا مجال للشك فيه، أن شعوبنا رغم واقع الإذلال والاستعباد، ورغم حجم الظلم والجبر المسلط عليها منذ قرون من الزمن، قد عقدت عزمها على تطليق دين الانقياد للحكام الخونة المستبدين الذين قال فيهم الشاعر:أغاروا على الحكم في ليلة ففر الصباح ولم يرجع. وفي المغرب الحبيب، يصر النظام السياسي ومعاونيه على تقصير نظرهم السياسي، يخوضون في سفساف الأمور، كل أفقهم صراعات، وتحالفات، وصناعة للخصوم والأحلاف، على خطى الميكيافيلية مكرا وطغيانا. فخلال سبع سنوات منذ حراك 2011، كانت حصيلتها تكريس المزيد من السياسات الاستبدادية وتعميق جراح الشعب. لم تتوقف الاحتجاجات للحظة، منذرة بأزمة مجتمعية خانقة، بلغت ذروتها بعد مقتل الشهيد محسن فكري مع انطلاق الحراك في الريف وفي غيره من مدن الوطن وقراه، الذي لم يجد معه المخزن بدا – بعد المناورة والمداورة- من العودة إلى أساليب سنوات الرصاص؛ فاستَكمل عسكرة منطقة الريف بشكلٍ كامل وأتبعَ الشهيد محسن فكري شهيدين آخرين هما عماد العتيبي وعبد الحفيظ الحداد، رحمهم الله وزجَّ بأكثر من 450 من المناضلين في المتابعات والسجون، وهي محاولات يائسة لإقبار طموح الشعب، وإطفاء شموس الحرية. أيها الأحرار والحرائر في كل مكان: إن الوضع المتأزم مجتمعيا، هو امتداد طبيعي للاستهداف الممنهج للقطاعات الاجتماعية الحيوية التي تمس المواطن بشكل مباشر خاصة الشغل والصحة والتعليم والوظيفة العمومية…
فالمدرسة العمومية كما لا يخفى على أحد، تتعرض لمؤامرة غير مسبوقة، تروم الإجهاز على ما تبقى من مقومات وجودها، خصوصا مع توالي التقارير الدولية والإقليمية المخيفة أرقامُها من حيث الهدر المدرسي والفشل الدراسي.. وانتشار الصور الفاضحة لواقع العنف والفساد والانحراف، والمتناقضة مع مزاعم الرؤية الإستراتيجية لتحقيق تكافؤ الفرص والجودة والرقي بالمجتمع… مؤشرات الفشل هذه؛ التي تجاوزت كل الحدود رأى فيها النظام الحاكم وخدامه في الحكومة نذير شؤم عليهم وعلى خياراتهم، لذا عمد إلى بتر التعليم العمومي من أساسه، والتنصل من عبء مسؤوليته، وبيعه لأصحاب الرأسمال الجشع، والترخيص لعدد من المدارس والكليات والمعاهد الخاصة… وبالموازاة مع ذلك شرع في تنفيذ خطة للضبط الاجتماعي، عبر تعميق هشاشة الوضعية الاجتماعية للأسر المغربية، وابتزازها للانتقال إلى التعليم الخاص، وما توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين بإلغاء مجانية التعليم الثانوي والجامعي، إلا إحدى الخطوات في هذا الاتجاه… أما بخصوص الجامعة المغربية فلم تعد الدولة تتهرب من إقرار حقيقة واقعها، بل سارت تسابق التقارير الدولية وتقارير المعارضة في تشخيص واقع الكارثة، لكن دون أن يمنعها ذلك من مواصلة التخطيط لصناعة المزيد من الفشل، أو يجنبها التخبط الممنهج، والسير في الطريق المعتم للإصلاحات الشكلية، التي لا تحقق إلا مزيدا من الانحدار نحو الهاوية التي نحن قاب قوسين أو أدنى من بلوغها. فالجامعة تظل بالنسبة للدولة وكرا للمشاكل ومصنعا لتخريج العاطلين، لن يصلحها إلا الحصار والقمع والتمييع، أما الحق في الدراسات العليا، وفتح آفاق مشجعة للبحث العلمي والأكاديمي، وخلق فرص الشغل لخريجي الجامعة فلم يعد من مهام الدولة، لذلك فهي تسعى لطمس معالم تاريخها المضيء، وتشويه سمعتها، وترك الطالب لمواجهة مصيره الموبوء بالمشاكل الاجتماعية والتنظيمية والبيداغوجية، بما لا يمكن أن تتوفر معه الشروط المساعدة على التحصيل العلمي والدراسي، ومع تزايد أعداد الطلاب الذي تجاوز (900 ألف)، تُفتَح ملفات المنحة والسكن والنقل والمطاعم الجامعية بحسرة متزايدة؛ مترجمة أزمة تدبير قضايا الطلاب والجامعة، أزمة مُخطط لها سلفا لخصم نسبة تأثيرها في المنظومة المجتمعية، عبر نزع كل الرهانات المعقودة على هذا المرفق الحيوي. وهو ما يفرض على كل مكونات الجامعة، والغيورين عليها من القوى المجتمعية الحية، إقحامها في نقاش مجتمعي لإرساء أبعادها القيمية في المجتمع تأثيرا وتأثرا.
ففي الموسم الفارط، تسربت للإعلام بعض الصور البشعة، التي تكشف مدى الانحدار الأخلاقي، والفساد الإداري الذي عشش في جامعاتنا؛ من تزوير للنقط مع الابتزاز والتحرش الجنسي، وتشجيع الغش رسميا عبر توزيع أوراق الامتحانات خارج الكلية من طرف أعوان السلطة…، بينما تتراكم فصول أخرى إلى حين، تنخر ما تبقى من جسم الجامعة. وإننا في الاتحاد؛ إذ نفتتح هذا الموسم الجامعي على وقع تغييرات في فلسفة التدبير الإداري، التي يستشف منها الرغبة في تشديد القبضة الأمنية، وتقزيم أدوار الحركة الطلابية. واعتبارا لمسؤوليتنا في الدفاع عن الجامعة العمومية وحقوق الطالب المغربي، ندعو كل الفصائل والمكونات الطلابية إلى التكتل وتجاوز الخلافات؛ ونؤكد للرأي العام الوطني والدولي ما يلي :
1– تحميلنا المسؤولية كاملة للنظام الحاكم وحكومته في ما آلت إليه أوضاع وطننا الحبيب؛ من اختناق على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بسبب عنادهم، واستمرار سياساتهم الاستبدادية.
2- دعوتنا لإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف، ومعتقلو قلعة السراغنة، والأخ عمر محب، ومعتقلو الحركة الطلابية. كما نحذر من عواقب المقاربات الأمنية؛ من قتل واعتقالات ومتابعات وتهديدات… وكل مظاهر الدولة البوليسية التي باتت معلنة.
3- استنكارنا لإقحام المؤسسات الأمنية في تدبير شؤون الجامعات، كما نشجب التضييق على العمل النقابي، وترهيب الطلاب عبر استدعائهم بشكل متكرر إلى مخافر الشرطة.
4- تأكيدنا أن قطاع التعليم أصبح فرعا من أصل فاسد، وأن أزمته بنيوية لن تصلحها مؤسسات صورية ولا إصلاحات شكلية، دون إرادة حقيقية سياسية شاملة، تأسيسا لنهضة مجتمعية واعدة لا تقصي أحدا.
5- دعوتنا كل الأحرار، والفاعلين، والمهتمين بمستقبل أبنائهم ووطنهم، إلى العمل المشترك، والتكتل لصد هجمات المخزن على حق أبناء الشعب في تعليم جيد، ومتكافئ، ومجاني، ووقف تفويته للقطاع الخاص مهما كانت المبررات.
6- تنويهنا بمناضلينا في كل فروع الجامعات، وبخدمتهم المتفانية للطلبة، في إطار “الحملة الوطنية لاستقبال الطالب الجديد”، كما نهنئهم على نجاحها.
7- تضامننا اللامشروط مع كافة الشعوب التواقة لغد العدل، والكرامة، والحرية، وعلى رأسها الشعب السوري، والفلسطيني، وأقلية الروهينغا. ورفضنا المبدئي لازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع القضايا الإنسانية.
الكتابة العامة للتنسيق الوطني
30 شتنبر 2017