الكاتب الوطني لأوطم : فشل التعليم المغربي ارتبط ارتباطا وثيقا بغياب إرادة سياسية حقيقية لإصلاحه
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه.
الإخوة والأخوات أعضاء الكتابة الوطنية ،الإخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني ،الإخوة والأخوات كتاب الفروع وممثلي التعاضديات ومجالس القاطنين ،أحييكم عاليا وأرحب بكم في لقاء لجنة التنسيق الوطنية ،دورة “التضامن مع الشعب الفلسطيني” ،المنعقد تحت شعار “ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ،مسيرة بناء ونضال لتحصين الجامعة العمومية ” ،كما أحيي من خلالكم مناضلي الاتحاد في جميع الفروع والتعاضديات ،وأقف وقفة إجلال وإكبار أمام التضحيات الجبارة والمجهودات الاستثنائية التي يبذلونها منذ انطلاق الموسم الجامعي ،فلم يدخروا جهدا حين تجندوا لتيسير وتسهيل عملية إدماج الطالب الجديد في الوسط الجامعي ؛توجيها وتأطيرا وإرشادا، وعيا منهم بحساسية هذه المرحلة الانتقالية التي تستلزم انخراط كل مكونات الجامعة، وما تلاه بعد ذلك من تنظيم مجموعة من الفعاليات الثقافية والعلمية والمعارك النضالية الموسومة بالإحكام في التنظيم والإبداع .
ولا تفوتني الفرصة لأترحم على شهداء غزة الحرة الأبية، وكل شهداء فلسطين الحبيبة الذين سقطوا تحت قصف العدو الصهيوني الغاصب دفاعا عن الدين والعرض وعن الأقصى المبارك ،فتحية الفخر والاعتزاز للمقاومة الفلسطينية الباسلة ولإخواننا مرابطين وأخواتنا المرابطات في المسجد الأقصى دفاعا عن مقدسات الأمة الإسلامية .
أيها المناضلون
أيتها الجماهير الطلابية
قبل عشرين سنة كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في موعد مع التاريخ بتدشينه لمرحلة جديدة ستظل راسخة في سجل النضال الوطني، حين أقدم مناضلو الاتحاد على تأسيس لجنة التنسيق الوطنية التي جاءت كتتويج لمسار نضالي وتنظيمي وإشعاعي متميز ومؤثر ،فرغم الصعوبات و الإكراهات الموضوعية كان الإقدام والاقتحام عنوان المرحلة لأجل بث روح جديدة في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وإعادة بنائه من جديد على قاعدة الوضوح والمسؤولية،بعد سنوات من الفراغ التنظيمي الذي كان نتاجا لسياسات النظام السياسي سعى من خلالها إلى اجتثاث الحركة الطلابية بمحاولاته المتكررة لكسر شوكة عمودها الفقري؛الاتحاد الوطني لطلبة المغرب باعتباره منظمة معارضة سطرت بنضالاتها صفحات مشرقة في سجل نضال الشعب المغربي في الدفاع عن الكرامة والحرية ،ومع هذا التدخل المخزني وبموازاته قدمت مجموعة من الفصائل استقالتها من واجب الدفاع عن مصالح الطلبة انسجاما مع توجهات أحزابهم السياسية والتي كان للمخزن فيها اليد الطولى والكلمة الفصل ،وآخرون فضلوا مقاطعة الهياكل والانتخابات بدافع الشرعية التاريخية ،والأمر لا يعدو في الحقيقة أن يكون مجرد هواجس نفسية أربكت أولوياتهم وشوشت على رؤيتهم ، فأفقدهم بوصلة النضال وجعلتهم في حياد تام عن معنى النضال وجدواه.
إن تأسيس لجنة التنسيق الوطنية وانتخاب اول كتابة عامة شكل منعطفا تاريخيا في مسار الاتحاد الوطني ،فبعد تعليق المؤتمر الاستثنائي لأسباب موضوعية ، شرع المناضلون على المستوى الوطني والمحلي في تطوير وتجويد آليات العمل والرفع من منسوب الفاعلية والحضور المؤثرين على جميع المستويات وأعينهم على المؤتمر مشمرين على سواعد الجد لإنضاج شروطه .
ليستمر البناء على اساس المسؤولية والديمقراطية وخلق بيئة طلابية سليمة خادمة للمقاصد الكبرى التي أسس لأجلها الاتحاد، فتوسعت الخريطة النقابية بهيكلة العشرات من الكليات وقيادة المئات من المعارك وتنظيم المئات من الأنشطة النقابية والثقافية والعلمية محليا و وطنيا …لتستمر هذه الشعلة متوهجة وتستمر معها إرادة المناضلين عازمة ،مقتحمة ومتيقظة ضد كل ما يحاك للجامعة في الخفاء والعلن رغم استمرار التضييق والاعتقال ومصادرة الحقوق …
وفي مقابله ازداد واقع تعليم العالي تأزما واستمرت معه معاناة الجامعة المغربية على كل الأصعدة ،فالمتتبع لمسار إصلاح التعليم العالي منذ إصدار أول قانون منظم له بظهير صادر سنة 1975إلى غاية إصدار القانون 01.00 سنة 2000 الذي يعتبر الإطار القانوني لتنزيل الميثاق في شق التعليم العالي ،يكتشف أن فشل تلك المشاريع لا يمكن اختزاله في عدم تطبيق النصوص وتنزيلها على أرض الواقع ،بل ارتبط ارتباطا وثيقا بغياب إرادة سياسية حقيقية لإصلاح التعليم ،حيث ظل هذا الأخير مرتهنا بالقرارات السياسية والتعليمات الرسمية والإملاءات الدولية ،الشيء الذي جعله يتخبط في أزمات متعددة العناصر والأبعاد، والقانون الإطار 51.17 المنظم لقطاع التربية والتكوين والبحث العلمي لا يخرج عن هذا السياق ولايحيد عن هذا المسار ،فالسياقات الحاكمة لإعداده والمنهجية المعتمدة في صياغته والمرجعيات المؤطرة له والمضامين التي يعرضها والخطوات المتخذة لتنزيله تؤكد أن هذا المشروع يفتقد للحد الأدنى من مقومات مشروع حقيقي لإصلاح التعليم ،وبالتالي لا يعدو أن يكون مجرد استنساخ لتجارب الإصلاح السابقة التي اعترفت أعلى سلطة في البلاد بفشلها .
وارتباطا بالسياق ذاته فقد نتج عن التنفيذ القسري لتوصيات المؤسسات المانحة تعامل النظام السياسي مع الجامعة بمنطق أمني وبخلفية مالية كان لها أسوأ الأثر على وضعية الطالب المغربي التعليمية والاجتماعية والحقوقية ،فبالاستناد على المعطيات والتقارير الصادرة عن الجهات الرسمية ،نجد أن نسب الهدر الدراسي والتكرار تتضاعف،وظاهرة الاكتضاض في تضخم دون الحديث عن الوضعية المهترئة للبنيات التحتية،وافتقار البرامج التعليمية للحد الأدنى من الجودة مع الفقدان التام لبوصلة البحث العلمي ،أما على المستوى الاجتماعي فهزالة مقدار المنحة وقلة المستفيدين منها جعلها لا ترقى لتحقيق استقرار نفسي واجتماعي للطالب في حده الأدنى ،وازمتا النقل والولوج للأحياء الجامعية التي يكتوي بنارها عدد هائل من الطلاب ،فاستفحال الأزمة دفع مناضلي الاتحاد إلى قيادة العديد من المعارك النضالية لانتزاع الحقوق واستردادها، والتي دائما ما يطالها القمع والمنع ويفضي بعضها إلى الاعتقال الجائر والظالم في استهداف مباشر لحرية العمل النقابي .
إن ما تم ذكره حول وضعية الجامعة والطالب المغربي ماهو إلا نزر يسير من واقع الأزمة ،نحاول من خلاله تسليط الضوء على حجم الاختلالات والأعطاب التي يتخبط فيها التعليم العالي .
أيها المناضلون
أيتها الجماهير الطلابية
إن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مطالب بضرورة الاستمرارية بكل عزم في تحصين مكتسبات الحركة الطلابية ؛الأخلاقية والنضالية والثقافية…وحماية الجامعة العمومية من مخطط الإصلاح المزعوم الذي يروم الإجهاز على مقومات الجامعة المغربية، وما يوازيه من تفريخ مطرد لسياسات التمييع والتنويع فيها ،التي تستهدف بشكل مباشر الرصيد الأخلاقي والنضالي والقيمي للجامعة والطالب المغربي الحر .
نحن مطالبون جميعا الآن بالاستمرار بكل وعي في معركة التعبئة الشاملة لكل الطاقات الهيكلية والبشرية ميدانيا وتوجيهها في اتجاه جعل قضايا الجامعة من صلب هموم المجتمع، ومحور اشتغال المؤسسات المجتمعية، والتي تبتدىء بإشاعة ثقافة المسؤولية وبناء الوعي بضرورة الانخراط في خدمة القضايا المصيرية للطالب والجامعة ،في الوقت الذي يريد النظام السياسي عزل هذه الأخيرة وتهميشها لتحيد عن الاطلاع بأدوارها الطلائعية المنوطة بها،كما اننا مطالبون كذلك أكثر من ذي قبل إلى مد جسور التواصل والتعاون مع كل فضلاء الجامعة،إيمانا منا بضرورة العمل المشترك المبني على المسؤولية والوضوح،على اعتبار أن الاتحاد كان وسيظل إطارا نقابيا لكل الطلاب باختلاف توجهاتهم ومرجعياتهم،وأن الزخم النضالي والرصيد السياسي والنقابي إرث للجميع لا ينبغي لأحد الاستئثار به ،كما أن مهمة البناء والنضال دفاعا على مصالح الطلبة مسؤولية الجميع .
ختاما؛
أيها المناضلون
أيتها الجماهير الطلابية
إن كل السياسات التي نهجها النظام السياسي لكسر شوكة الاتحاد والإجهاز عليه منذ بدايات التأسيس لحد الآن ، لم تنل من عزمه ولم تمنعه من الاطلاع بأدواره التاريخية في التحرير والتحرر،فلم يتأخر يوما على أن يكون صوتا لكل مقهور وحاضنا لكل قضايا الشعب المغربي العادلة ،لذلك فكل سياسة قديمة-جديدة يتوخى من خلالها أصحاب السلطة الإجهاز على الاتحاد فهي ضرب من الخيال ومضعية للوقت والجهد وتعميق للأزمة.
إننا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مافتئنا نذكر في كل مواقفنا أن الحل الناجع لاستعادة الثقة في اي مشروع يروم إصلاح التعليم، مقدمته القطع مع الاستبداد ومع منطق التعليمات والإملاءات ،وضرورة فتح نقاش عمومي يحتضنه الشعب بمشاركة كل الفاعلين والمفكرين والخبراء وذوي المروءات في إطار جبهة مجتمعية لإنقاذ الجامعة والتعليم عموما، ونؤكد ان دون هذا الأمر سنكون بصدد تكرار نفس التجارب ، وتبذير المال العام على سياسات فاشلة والضائع هو مستقبل أبناء هذا الشعب المكلوم .
دمتم ودمنا للنضال أوفياء .
والسلام عليكم ورحمة