بقلم الأستاذ: سعيد غزالة
الشباب بين الدفاع عن فلسطين ومناهضة التطبيع
1. الشباب قلب الأمة النابض
2. الشباب وفلسطين
3. من أين المنطلق
4.خطورة التطبيع على الشباب
5. في الحاجة إلى جبهة شبابية موحدة ضد التطبيع
1. الشباب قلب الأمة النابض
لطالما أدى الشباب في تاريخ الأمم أدوارا طلائعية ساهمت في تحقيق انتصارات تاريخية، فالشباب مرحلة عمرية تتميز بالفتوة والقوة والعطاء غير المحدود، كما يعتبر مستقبل أي أمة لكونه العنصر الضامن للاستمرارية والحامل مشعل التنمية والازدهار وحماية الأوطان.
لذلك فأي أمة لا شباب لها فلا مستقبل لها وهي أمة عجوز وعقيمة، لا صمام أمان لها من أي عدوان سواء داخلي أو خارجي، لأن الشباب هم رأس الحربة والدرع الواقي والسهم الصائب والثاقب للعدو الغاشم والحاكم الظالم والأمن السائب والمطبع الخائن، فما ضاع حق وراءه شاب طالب.
2. الشباب وفلسطين
فلسطين هي أرض الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين، والأئمة والأولياء المجاهدين، فالمسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا البعد الديني الإسلامي ليس وحده الدافع للتضامن مع فلسطين فهي دولة محتلة من قبل كيان صهيوني ظالم، اعتدى على أمة، استوطن أراضيها وأجلى ساكنيها واستولى على خيراتها، لذلك فالتضامن معها هو مبدأ كوني يشترك فيه الجميع من الناحية الإنسانية، فمن العيب والعار أن تجد في القرن الواحد والعشرين من يرغب في استعمار دولة كاملة، في وقت بات فيه العالم قرية صغيرة.
لذلك فالتضامن مع فلسطين لا يشترط فيه الدين، أو أن يكون الدافع سياسي أو عرقي، بل يجب استحضار حق الإنسان في العيش الكريم والحرية والإستقلال والإستقرار والأمن والأمان.
3. من أين المنطلق
من المداخل والمنطلقات الرئيسية لتحرير فلسطين معرفة خطط العدو الصهيوني وأهدافه التهويدية، ومشاريعه الاستراتيجية الهدامة، لأن هذا الأمر يساعد على تقويض دعائم وأركان المشروع الصهيوني، فالمعرفة هي أساس النهضة والتحرر، فبها تزدهر الأمم، وبالجهل تنهار. أما المدخل الأساسي الآخر فهو المعرفة بتاريخ فلسطين أرض الأنبياء والمرسلين، والرسالات السماوية، أرض الإسراء والمعراج، أرض المقدسات الدينية، وبالرغم من المدخل المعرفي- الفكري كمنطلق مهم إلا أنه لا يكفي وحده إن لم يولد الهم والوعي والإرادة والسعي، فقراءة ألف كتاب عن استراتيجيات تحرير فلسطين مهم لكن يضاهيه شوق ولوعة وَقَرت في قلب مشتاق لمسرى سيد الأنبياء، لا تحبس سعيه الدؤوب عقبات أو مثبطات، لذلك يبقى العامل الحاسم في نصرة القدس وفلسطين هو العامل الذاتي المتمثل في التحرر من عبودية الهوى حتى نصبح عبادا لله عز وجل أولي بأس شديد.
إن تحرير فلسطين يحتاج إلى شباب الفجر، شباب لا يخافون في الله لومة لائم، شباب يقبلون على الشهادة بأرواحهم ثمنا رخيصا فداء لفلسطين، وهذا ما بتنا نشاهده يوميا بباحات المسجد الأقصى المبارك وفي قلب إسرائيل، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فتحرير النفس من عبودية الهوى والشيطان إلى عبودية الواحد الديان آنذاك يتحقق النصر. كذلك من المنطلقات المهمة لتحرير فلسطين هو مجابهة حكام العرب المطبعين الخانعين البائعين مقدسات الأمة الإسلامية لأعداء الملة والدين والذين يقفون حجرة عثرة أمام كل الجهود الشعبية المناصرة لفلسطين.
إن نصرة المسجد الأقصى وفلسطين لا يشترط له ضرورة الوجود المكاني، فقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في معنى كلامه، من لم يستطع الذهاب لنصرة بيت المقدس فليسرج له قنديلا، فأينما كنا وقد حبسنا عذر البعد فلا عذر لنا أن نشعل قنديلا نضيء به باحات المسجد الأقصى عن طريق المشاركة في كل الفعاليات المناصرة لفلسطين سواء مسيرات وقفات مهرجانات خطابية إبداعات فنية وثقافية حول القضية، فالمشاركة فيها سواء بمساهمات مادية أو معنوية كرفع الأصوات والشعارات المناصرة تعبيرا عن الموقف من العدوان على فلسطين ورفض التطبيع، كلها قناديل ومنارات في درب النصر والتحرير.
4. خطورة التطبيع على الشباب
إن المشروع الصهيوني في أصله أنشىء ليكون معاديا للإسلام، مخربا الإنسانية من قيمها الفطرية النبيلة، فهو مشروع مبني على الكره والحقد والتعطش للدماء والفساد والخراب، فهؤلاء الصهاينة في زعمهم كل العرب عبيدا لا يستحقون العيش الكريم، لذلك فمهما أخذ التطبيع مع الكيان الغاصب من أوجه في مختلف المجالات سواء ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي فهو غطاء فقط وطريق لاختراق الشعوب من أجل بث السموم المفسدة للقيم والأخلاق فيها، لذلك فما نشهده في المغرب من تطبيع خاصة على المستوى التعليمي- التربوي هو أمر خطير جدا على شباب هذا الوطن، فاستهداف الناشئة الغرض منه إقناع الأجيال القادمة بالتعايش مع الصهاينة تحت غطاء السلام المزيف، لذلك وجب تحصين أبنائنا بالتوعية بخطورة هذا الأمر وزرع حب فلسطين ونصرتها في قلوبهم ووجدانهم منذ الصغر.
أما التطبيع على المستوى الأكاديمي- الجامعي تحت ذريعة التبادل العلمي والثقافي فهو من أخطر أنواع التطبيع لما لهذا الكيان الغاصب من مشاريع هدفها المسخ الأخلاقي والقضاء على الأخضر واليابس لمصلحة الصهيونية خاصة أنه معروف عليها محاربة كل العلماء العرب والمسلمين حتى لا يقدموا أعمالهم واختراعاتهم للمقاومة ودعم فلسطين.
إن التطبيع مع عدو يمد يده زعما للسلام والتعايش ويده الأخرى على الزناد تقتل الفلسطينيين هو خيانة وغدر للعروبة والإسلام وتاريخ الأمة. لذلك على الشباب أخذ الحيطة والحذر من السقوط في الإغراءات والتسهيلات التي يقدمها العدو ومن والاه من بني جلدتنا سواء للالتحاق بمختبراته أو جامعاته.
لقد أبان شباب هذه الأمة في الآونة الأخيرة على مستوى من الوعي عال جدا تجلى في مقاطعة الكيان الصهيوني في العديد من الملتقيات الدولية، وهي خطوة موجعة له، تعطي رسالة بأنه كيان وهمي غير معترف به وسيظل معزولا ما لم يرفع يده القذرة على الفلسطينيين، وأن فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم معزولة عن العالم، بل قضية كل العرب والمسلمين.
5. في الحاجة إلى جبهة شبابية موحدة ضد التطبيع
إن الجهود الشبابية المشتتة العاملة في نصرة القضية الفلسطينية بالرغم من أهميتها تبقى الجهود الجماعية المنظمة أكثر منها قوة وعطاء وإشعاعا، لذلك فتوحيد الأصوات المنادية بتحرير فلسطين والمناهضة للتطبيع هو عمل عظيم جدا، مع العلم أن خطورة العدوان الصهيوني لم تعد تقتصر على فلسطين بل حتى على هذا البلد في ظل ارتفاع وتيرة التطبيع الرسمي بشكل سريع أصبح معه الخوف على شباب هذا الوطن من هذه النبتة الخبيثة والدفاع عنه واجب وطني خاصة مع ظهور المخططات التطبيعية للتلاميذ والطلبة تحت غطاء السلام والتعايش المزيف، لذلك فالاتحاد تحت شعار جميعا من أجل مغرب يتسع للأحرار دفاعا عنه وعن فلسطين، ويضيق على الصهاينة والمتصهينين، خطوة موفقة ينبغي على كل التنظيمات الشبابية-الطلابية النداء بها وتلبية دعوتها متجاوزين الإختلافات والإنتماءات السياسية الضيقة، وتبقى في هذا الصدد تجربة الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع من التجارب الناجحة في العمل المشترك وتوحيد جهود الفضلاء حول قضية واحدة عنوانها الدفاع عن فلسطين ومقاومة التطبيع.