بـقـلـم الخبير التربوي الأستاذ: منير الجوري
حان الوقت لإيقاف سوق المعدلات الذي يعرض فيه التلاميذ نتائجهم الدراسية أمام المؤسسات والمعاهد العليا.
آن الوقت للتوقف عن اعتبار المعدل المحصل في البكالوريا معيارا واحدا ووحيدا لتقييم المتعلم، فالامتحانات كما تعتمد بأطرها المرجعية لازالت عاجزة عن إعطاء صورة حقيقية عن المواهب والقدرات ومهارات الحياة خاصة تلك التي يتطلبها المجتمع وضمنه عالم الشغل.
آن الأوان لتقوم الدولة بكل قطاعاتها بأداء مهمتها في التوجيه الصحيح لخريجي البكالوريا، ليس بذلك المعنى المقزم في أبعاده الخدماتية والإعلامية والتربوية …، فالتوجيه أكبر من ذلك وأوسع، ومهمته الأساس هي مساعدة المتعلم، كل متعلم، على التموقع في المكان المناسب له وللمجتمع دون تمييز أو إقصاء أو انتقاء.
من المهم الاحتفاء بالناجحين والمتميزين الذين استجابوا للأطر المرجعية للوزارة، لكن الأهم هو أن يفهموا أن تميزهم في الدراسة لا يعني تميزهم في الحياة.. وأن الحياة لها متطلبات أخرى لم يتم قياسها بامتحانات البكالوريا.. حتى نضمن جيلا متكاملا مبدعا منخرطا.. وليس جيل من التقنيين المحدودين إدراكا واطلاعا.
من المهم فتح أبواب الترقي الاجتماعي بناء على مبدأ الاستحقاق، لكن ينبغي أن نفهم أنه مبدأ ناقص معتل، فما دام هناك تفاوتات صارخة في التعلم فلا مجال للحديث عن الإنصاف والاستحقاق في النتائج. والأهم أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار ونحن نلقي بعشرات الآلاف من المتعلمين في آلة طحن الكفاءات غير المنسجمة مع معايير وقوالب الأطر المرجعية..
آن الأوان لنقول الحقيقة .. لنمارس الحقيقة .. لننتصر للحقيقة بدل هذا الكرنفال الموسمي المسمى بكالوريا؛ حيث تفقد المعدلات نكهتها ومعناها وقيمتها، لأنها لا تقول شيئا، ولا تخبرنا بشيء، سوى أنها تلتقط صورا في لحظة هدر كبرى للإنصاف والتتويج والبناء الذي يضيع على جنباته الكثير.