تمت المصادقة مؤخرا من قبل المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك محمد السادس على مشروع القانون الإطار51.17، القاضي بإلغاء مجانية التعليم الثانوي و الجامعي تدريجيا، و كذا مشروع قانون 44.18 و القاضي بإلزامية الخدمة العسكرية(التجنيد الإجباري) لفئة معينة من الشباب ذكورا و إناثا، عكس مجموعة من الدول التي تقتصر على الذكور فقط فيما يخص الخدمة العسكرية، و هو الخبر الذي شاع على مواقع التواصل الإجتماعي، و استحسنه مجموعة من عامة الشعب، و سخر منه البعض الآخر. غير أن الغريب في الأمر هو السرعة و المرحلة التي تم استدعاء هذا القانون فيها من عالم الأموات. إذ ليست المرة الأولى التي يتم استدعاؤه فيها كمنقذ من تنامي الفعل الإحتجاجي بالمغرب، فقد استعمل في أوقات سابقة بالمغرب من أجل تأديب الشباب المناضلين بعد انتفاضة 1965، خصوصا مناضلي الحركة التلاميذية و الطلابية في شخص منظمة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب و مجموعة الهيئات السياسية و النقابية الأخرى.
التجنيد الإجباري ليس كما يدعي البعض؛ أنه تعزيز لقيم الوطنية و الفداء في سبيل (مقدسات الوطن). بل هو مجرد آلية يتم إعادة استعمالها لزرع سموم الطاعة العمياء و الخنوع المخزنيين، و عدم الإحتجاج. خصوصا بعد تنامي الفعل الإحتجاجي وسط الشباب بعد الربيع الديمقراطي 2011، أي بعد 5 سنوات من إلغاءه سنة 2006.إن ما يعزز الشعور بالوطنية هو الحصول على العيش الكريم و الحرية و العدالة الإجتماعية داخل الوطن.
و في خضم كل هذه الغوغاء التي نالها مشروع التجنيد، تم تمرير مشروع إلغاء مجانية التعليم و المصادقة عليه بهدوء، في ظل تعتيم إعلامي واضح، بل حتى على مستوى الإعلام البديل لم ينل حضه كما ناله التجنيد الإجباري، غير أنه أكثر أهمية و حساسية. تم تمريره على مطية التنويع في مصادر تمويل التعليم، و أن الأداء على خدمة التعليم لن يطال إلا الأسر الميسورة. غير أن الكل يعلم أن أبناء الأسر الميسورة لا يلجون المدرسة العمومية، و تمويل التعليم في المغرب أصلا و أساسا يمول من جيوب أبناء الشعب، فالدولة لا توفر شيئا سوى المعلم و المقعد إن وفرته -و التقارير في هذا المجال تتبث غير هذا- و ما سوى هذا من مطعم و ملبس مدرسي و كتب و نقل و سكن و (الفرصة في العمل) يخرج من أباء و أولياء المتعلمين.
إلغاء مجانية التعليم هو ضرب لكل المبادئ التي تأسس عليها التعليم منذ سنة 1956 من إلزامية و مغربة و تعميم…
و من هنا على كل الهيئات السياسية و النقابية الحية و المسؤولة و الغيورة التوحد و تأسيس لجنة أو جبهة موحدة تقف ترسا ممانعا أمام كل هذه القرارات الفوقية اللاوطنية الباطلة أساسا، و التي تضرب مصلحة الشعب و تزيد في مأسيه عوض النقد (المساند ).
بقلم الطالب أيوب العابدي