Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الرئيسيةرأي حر

الاتحاد الوطني لطلبة المغرب: دعم قوي لمعركة طوفان الأقصى

في السنة الأولى لمعركة “طوفان الأقصى”، شهدت الساحة الطلابية المغربية حركة تضامنية غير مسبوقة، حيث نظم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أكثر من 445 نشاطا محليا ووطنيا، ما جعله في طليعة المنظمات الطلابية العالمية في تنظيم الفعاليات المناصرة للقضية الفلسطينية. هذا التصعيد في الأنشطة والفعاليات التضامنية لم يكن مجرد رد فعل عابر، بل تجسيدا حيا لروح التضامن التي لطالما ميزت الطلبة المغاربة تجاه فلسطين، وجعلتها من أولويات اهتماماتهم السياسية والنضالية. في هذا السياق، تُطرح تساؤلات أساسية حول الدوافع العميقة وراء تفاعل الطلبة مع معركة “طوفان الأقصى”، وما الذي أضافته هذه المعركة إلى الساحة الطلابية المغربية على مختلف الأصعدة؟

دواعي ومنطلقات التفاعل الطلابي المغربي مع معركة طوفان الأقصى

إن دعم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب للقضية الفلسطينية ليس أمراً مستجداً أو مرتبطاً فقط بمعركة “طوفان الأقصى”، بل هو امتداد تاريخي يعكس تجذر القضية الفلسطينية في وجدان الحركة الطلابية المغربية. فمنذ تأسيس الاتحاد، كانت القضية الفلسطينية حاضرة كركيزة أساسية في هويته النقابية، حيث لعب دوراً ريادياً في تأطير الجسم الطلابي المغربي المناصر لفلسطين ومقاومتها الباسلة.
يعدّ المؤتمر الوطني الثالث عشر الذي انعقد في الرباط عام 1969 محطة مفصلية في هذا السياق، حيث تبنى الاتحاد شعار “القضية الفلسطينية قضية وطنية”. كان هذا الشعار علامة بارزة رسخت مكانة القضية الفلسطينية في صلب النضال الطلابي المغربي، وشكّلت منطلقاً لتنظيم الآلاف من الأنشطة والفعاليات داخل الجامعات المغربية. وقد عرفت فترة التسعينيات، مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، تصاعد وتيرة هذا التفاعل بشكل لافت، إذ أصبحت الجامعات المغربية فضاءً رئيسيا لنشر الوعي حول القضية الفلسطينية من خلال المسيرات، والندوات، والمظاهرات الكبرى التي اتسمت بمشاركة طلابية واسعة.

لم يتوقف الاتحاد الوطني عند حدود التعبئة والتوعية، بل تبنى موقفا صلبا في مواجهة محاولات الاختراق الصهيوني للجامعات المغربية، خصوصاً في السنوات الأخيرة مع توقيع اتفاقيات التطبيع بين النظام السياسي المغربي والكيان الصهيوني عام 2020. اعتُبرت تلك الاتفاقية تحدياً كبيراً أمام الحركة الطلابية، حيث انتفض الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بتنظيم مئات الفعاليات الاحتجاجية في الجامعات، مستنهضاً الوعي الجماعي الرافض للتطبيع مع الصهاينة. أثمرت هذه الجهود عن الحفاظ على موقف طلابي وشعبي مقاوم لكل أشكال التطبيع، وظل الاتحاد سداً منيعاً أمام الطوفان التطبيعي الذي يستهدف الجامعات والمجتمع.

الجديد الذي أضافته معركة طوفان الأقصى للساحة الطلابية المغربية

بعد العبور المقدس في السابع من أكتوبر 2023، وما تبعه من تطورات في معركة “طوفان الأقصى”، لم يكن ذلك مجرد تطور عادي في مسار القضية الفلسطينية، بل محطة مهمة أحدثت تحولًا عميقًا في وعي الطلاب المغاربة، وأسهمت في تجديد زخم الحراك الطلابي داخل الجامعات. هذه اللحظة التاريخية لم تقتصر على التعبير عن تضامن طبيعي أو عفوي، بل شكلت نقلة نوعية انعكست على عدة مستويات داخل الساحة الجامعية المغربية، من أبرزها:

أولا: ترسيخ وتجديد الاهتمام بالقضية الفلسطينية في الصف الطلابي
أسهمت معركة “طوفان الأقصى” بفعالية في إعادة إحياء الوعي بالقضية الفلسطينية بين الأجيال الجديدة من الطلبة، الذين واجهوا على مدى سنوات سياسات إلهاء سعت إلى تشتيت انتباههم عن قضايا أمتهم الأساسية. وقد شهدت الساحة الجامعية انتعاشًا ملموسًا في الأنشطة والفعاليات المتعلقة بفلسطين، التي تميزت بتنوعها وإبداعها. فقد بلغ عدد الأنشطة والفعاليات الداعمة للمعركة 445 نشاطًا، موزعة على نحو 40 مؤسسة جامعية، وشارك فيها الآلاف من الطلبة، مما يعكس تحولًا إيجابيًا في التفاعل الطلابي مع هذه القضية المركزية.

ثانيا: الداعم الإعلامي الطلابي للقضية الفلسطينية
شهدت مرحلة “طوفان الأقصى” توسعًا ملحوظًا في أشكال الدعم الطلابي، حيث لم تقتصر الأنشطة على المظاهرات والوقفات الاحتجاجية الميدانية، بل عرفت هذه المرحلة نقلة نوعية في توظيف الإعلام الرقمي لخدمة القضية الفلسطينية. حيث أبدعت لجنة الإعلام التابعة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في إنتاج مئات المواد الإعلامية المتنوعة، من فيديوهات ومقالات وتصاميم، التي شكلت أدوات فعالة في إيصال صوت الجامعات المغربية إلى العالم. ليتحول الإعلام الرقمي بذلك إلى منصة محورية، تُبرز التفاعل الطلابي مع القضية الفلسطينية، وتعزز الحضور الطلابي في فضاء النضال الإعلامي، مما جعل الرسالة الطلابية المغربية أكثر انتشارا وتأثيرا.

ثالثا: تعزيز مقاومة التطبيع
مع تصاعد موجة التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة، جاءت معركة “طوفان الأقصى” لتشكل نقطة تحوّل مهمة في تعزيز النضال الطلابي ضد أشكال التطبيع كافة. فقد أطلقت هذه المعركة روحًا جديدة في الحراك الطلابي، مما أسهم في رفع مستوى الوعي بين الطلبة حول مخاطر التطبيع الأكاديمي والثقافي الذي يهدد هوية الأمة وحقوق الشعب الفلسطيني. هذه اليقظة الطلابية تركزت على ضرورة التصدي لجميع محاولات التطبيع داخل الجامعات، وبدأت تتعزز الجهود الميدانية والفكرية لمقاومة هذه السياسة المقيتة. من أبرز هذه الجهود كانت مبادرة العريضة الطلابية الإلكترونية لإسقاط اتفاقيات التطبيع، التي لاقت تجاوبا واسعا ووقّعها أكثر من 5500 طالب وطالبة، مما عكس عمق الرفض الطلابي لهذا التطبيع، ورفعه إلى مستوى حالة جماهيرية شاملة أثبتت تأثيرها الواسع في الساحة الجامعية.

رابعا: ربط الجامعة بقضايا الأمة
أعادت معركة “طوفان الأقصى” الجامعة المغربية إلى دورها التاريخي كمركز للوعي والنضال والتكوين النقابي والسياسي. من خلال أنشطتها المكثفة والمتنوعة، فباتت الجامعات فضاءً يربط الطلبة بقضايا الأمة الكبرى، مع التأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية بعيدة أو هامشية، بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية العربية والإسلامية. كما أنها تمثل قضية إنسانية عابرة للحدود، تستنهض الضمائر وتوحد الشعوب، مما أعاد للجامعة المغربية ألقها كمحرك رئيسي في الدفاع عن القضايا العادلة.

خامسا: الصمود أمام التضييق والقمع
على الرغم من محاولات التضييق والقمع التي واجهها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خلال هذه المرحلة، أظهرت معركة “طوفان الأقصى” قدرة الحركة الطلابية المغربية على التكيف والصمود، بل والابتكار في مواجهة القيود. تمثلت هذه القدرة في استمرار الأنشطة الطلابية المناصرة لفلسطين بروح من الإبداع والإصرار، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تنظيم فعاليات ملتقى القدس عن بعد بالرغم من قرار منعه، حيث شهد حضور شخصيات محلية ودولية بارزة، وحققت مواده الإعلامية تفاعلاً وانتشارا واسعاً.

ختاما، إنّ الخلفية التاريخية لارتباط الطلبة المغاربة بدعم القضية الفلسطينية تفسر الاستجابة القوية من قبل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لمعركة “طوفان الأقصى”. فالدوافع لم تكن ظرفية أو مرتبطة بموجة إعلامية، بل هي امتداد لمسار طويل من النضال الطلابي والجهد التنظيمي المتراكم الذي جعل القضية الفلسطينية قضيةً مركزية في وجدان الحركة الطلابية المغربية. ويمكن القول إن معركة “طوفان الأقصى” لم تكن مجرد محطة تضامنية عابرة، بل شكلت إضافة نوعية للساحة الجامعية المغربية، سواء على مستوى تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية، أو تطوير أداء الحركة الطلابية، أو ترسيخ المواقف المبدئية؛ مما يجعلها لحظة استثنائية في تاريخ الحركة الطلابية المغربية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى