يستمر النزيف وتستمر المعاناة، ولا زالت الجهات الوصية على الجامعة مصرة على تحميل الطلاب مزيدا من الأعباء المادية والمعنوية والصحية … ضاربة عرض الحائط مصلحتهم في الاستقرار والأمن والطمأنينة من أجل التفرغ للتحصيل العلمي والمعرفي.
هي قرارات عشوائية في حق الأحياء الجامعية أدخلت الطلبة في متاهات وإشكالات أثقلت كاهل الأسر الفقيرة، فعلى سبيل المثال عرف الحي الجامعي سايس1 ترحيلا للطلبة القاطنين إلى الحي الجامعي ظهر المهراز (أكدال) اعتمادا على ماتم تسميته من طرف الوزارة بتصنيف الأحياء الجامعية حسب الجنس اناث- ذكور. علما أن الحي الجامعي سايس 1 بجواره أربع كليات وثلاث مدارس عليا ومركز للتكوين المهني يقطن فيه أزيد من 7000 طالب دون احتساب القاطنين غير الرسميين ، مقابل قدرة استيعابية لا تتجاوز 1500 سرير للحي الجامعي ظهر المهراز (أكدال) المجاور لثلاث كليات ، ليصبح معدل ثلاث أحياء للإناث أي مايقارب 15000 سرير مقابل حي جامعي للذكور سعته 1500 سرير . واعتماد الجهات المسؤولة في كل المواقع الجامعية على منهج الإنتقاء العشوائي ليتم بذلك حرمان العديد من الطلبة المحتاجين للحي الجامعي، والذين ينتمون إلى الفئة المعوزة والفقيرة، في وقت يجب توفير السكن لكل الطلبة والطالبات.
وفي ظل الأزمة المجتمعية التي يعيشها البلد، وباعتبار الاحياء الجامعية مؤسسة حيوية وقاطرة للنهضة ومصنعا للمفكرين والأطر والمناضلين فإن الدولة تعتمد المقاربة الأمنية في عدد مهم منها، أسقطت شهداء أخرهم محمد الفيزازي بفاس إثر تدخل قمعي شنيع ، وكذا اعتقال العشرات من الطلبة وإصابة عديدة ومتفاوتة الخطورة إثر هذا التدخل. كما عرف الحي الجامعي بالجديدة تدخلا قمعيا أدى إلى اعتقال أربعة طلاب بتهم مطبوخة سلفا وبتعيين من إدارة الحي .
هاته الترقيعات الفاشلة والتدابير العشوائية لهذا المرفق الحيوي يؤكد بالملموس الاستهتار الواضح للجهات المسؤولة بالآلاف من الطلاب المعوزين، وكذلك القرارات الكارثية التي تنم عن عقلية بعيدة كل البعد عن ملامسة جوهر المشاكل والاكراهات الحقيقية التي يعيشها الطلاب على جميع المستويات.