تخضع الدراسة في الكليات إلى التوزيع الجغرافي حسب مذكرة وزارة التعليم العالي المنظمة لروافد الكليات حيث يتضمن سلك الإجازة 06 فصول أو سداسيات وتتكون السنة الجامعية من فصلين دراسيين ,يتضمن كل واحد منهما 16 أسبوعا من الدراسة والتقويم وبمعدل 45 ساعة للوحدة , هذا ما جاء في مذكرة وزارة التعليم العالي .
والسؤال المطروح هو: هل ما جاء في المذكرة الوزارية الطريقة نفسها التي يتلقى بها الطالب تكوينه في الجامعة؟
تعرف معظم الجامعات المغربية كل سنة غضب طلابي بسب سوء تدبير الشأن البيداغوجي للكلية وأخص بالذكر عدد الحصص التي يستفيد منها الطالب مدة تكوينه في الفصل الواحد حيث تجد غيابات متكررة للأطر والأساتذة وفي بعض الأحيان يحرم الطالب من دراسة بعض المواد لمدة طويلة نظرا للخصاص المهول الذي تعيشه الجامعة المغربية من حيث عدد الأطر لكل كلية حسب تخصصاتها بسبب ضعف المردودية الداخلية لسلك الدكتوراه مقارنة مع مجموع الطلبة الباحثين وهذا العائق يجعل إدارة الكلية في سباق مع الزمن حيث تعرف الأسابيع الأخيرة حصص تعويضية مكثفة تجعل الطالب بين مطرقتين: هل يأخذ الوقت المتبقي لمراجعة دروسه استعدادا للتقويم أم تأكيد حضوره في الحصص التعويضية التي كان من الواجب أن يتلقها في وقتها القانوني وبالتالي تقصر مدة تحضير الامتحانات بين توقف الدراسة وانطلاق الامتحانات مما يؤثر سلبا على فهم واستيعاب الطالب حيث تجد نسبة كبيرة من الطلبة لا تستطيع الاستمرارية في ضل هذه الظروف التنظيمية السيئة بغض النضر عن ظروفه الاجتماعية (السكن-الصحة… ) والواقع صريح في بوحه بالنتائج الكارثية يوما بعد يوم حيث ارتفعت نسب ظواهر الانقطاع والتسرب والهدر بالنسبة للطلبة في الجامعة إلى %68,8 وأن نسبة %14 فقط من الطلبة هي من تحصل على الإجازة في ثلاث سنوات وهذا ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين, كما نشرت ثلاث مؤسسات أكاديمية دولية كبرى خلال الأشهر الأخيرة تصنيفاتها السنوية لـ500 و1000 جامعة عبر العالم، جاء فيها المغرب في المؤخرة أو خارج اللائحة، وهو ترتيب تكرر خلال السنوات الماضية ومن مصادر متنوعة.
رغم كل هذه المشاكل والنسب التي ترهب النفوس وتؤرق الضمائر الحية الا أن الدولة لازالت تستمر في سياستها الإصلاحية الفاشلة حيث صادق مجلس الوزراء بتاريخ 20 غشت 2018 على مشروع القانون الإطار رقم 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي للضغط على التعليم العمومي وقد اعتبرت الوثيقة أن إصلاح هذا الورش المصيري يعتبر جوهريا ,وأرى أنه في الوقت الذي يجب على من يهمه الأمر أن ينزل للواقع لكي يعرف ويفهم ما يقع ويستند إلى دراسات الفاعلين والمتخصصين الوطنيين والدوليين التي كشفت الاختلالات التي تشوب القطاع يستمر في مسلسل الإصلاحات التي تأخذ الطابع العام الذي حكم تاريخ ما سمي بإصلاح التعليم بالمغرب وهي أمور تظهر في المستوى العام في تضخيم خطاب الفشل والأزمة وفي المستوى الخاص في توجيهات وتعليمات وخطابات ووثائق المؤسسات الملكية وكذا مضامين ومفاهيم الميثاق الفاشل تنظيرا وتنزيلا.
ويبقى الحل الناجع استعادة الثقة بالتعليم أفرادا وجماعات، ولا سبيل لذلك إن لم نقطع مع الاستبداد، ومع التحكم، ومع الإملاءات، وإن لم يحتضن التعليم من طرف الشعب والفاعلين والمفكرين والخبراء وذوي المروءات والكل. وإن لم يجتمع هؤلاء الغيورين في جبهة مجتمعية لإنقاذ التعليم وإنقاذ البلاد.
بقلم: عبد العالي بلحوس