العلم نور يبدد ظلام الجهل، والعلم سلاح يخشاه كل ظالم ومستبد، والله عز وجل ابتدأ هذا الدين بإقرأ، أمة عظيمة يكون أساسها ومنطلق نشأتها العلم، ومتى تركت هذا الأساس تكون قد وضعت سلاحها وبقيت بدون درع يحميها من العدوان، لنتأمل جيدا هذه الكلمة العظيمة “إقرأ” فعل أمر مقترن بصفات الخلق والأكرمية والتعليم، فسر عظمة هذه الأمة وعلماءها ومفكريها هو هذه الكلمة العظيمة، يقول الاستاذ ادريس أوهلال في كتاب المستويات السبعة للقراءة ” يعطينا تاريخ العلماء والمفكرين درسا مهما في علاقة القراءة بالتميز، إذا أردت ان تكون عالما ومفكرا متميزا عليك اولا أن تكون قارئا جيدا، فالكاتب الجيد ليس سوى قارئ جيد”. لكن ما الدافع الذي يجعل الإنسان يقرأ؟ وما العقبات التي تحول بين الإنسان والقراءة؟
صدق من قال لكل عزيمة دافع وبقوة الدافع تقوى العزيمة، أول دافع يجعل الإنسان يفتح النافذة المطلة على القراءة هو المتعة، عندما يجد الإنسان متعة في القراءة تكون هي الحافز الذي يجعله يفتح المزيد من الكتب طمعا في المتعة، يستمتع القارئ بجمالية اللغة وسحر الكلمة.. وما أجملها من متعة. تطوير مهارة الكتابة والتعلم هي الدافع الجديد، فالإنسان دائم الإهتمام بجسمه ومظهره، ويقدم لهما الغداء والملابس، ليبقى جسمه بصحة ومظهر جيدين ، فهو يهتم أيضا بغداء العقل من أفكار وثقافة ومعلومات وينتقي الافضل منها ليطور من مهاراته وخبراته، يقول خالد أحمد توفيق “إن الإنسان الميت هو الذي كف عن التعلم واكتساب الخبرات.. ولهذا ترون أننا محاطون بالموتى الأحياء طيلة الوقت ” .
الشعور بالمسؤولية هي أهم وأقوى دافع للإنطلاق، والشخص الذي يتهرب من المسؤولية لن يستطيع إصلاح مشكلة أو خلل لا يرى بأنه مسؤول عنه أصلا، يقول سلمان العودة في كتاب أنا وأخواتها” شعورك بأنك يجب أن تضيف شيئا للحياة، أنك تعيش مخلصا لحلم تنتظره فهذا يكفي”. على الإنسان أن يراقب دوافعه باستمرار، فمراقبة الدوافع من أدق معاني الصدق، ولا ننسى بأن العقل الإسلامي يجب أن يكون عقلا علميا معرفيا يتجه نحو الاكتشاف والمعرفة، لكن وأنت في طريقك نحو القراءة حتما ستواجه عقبات عليك اقتحامها، ورحم الله من قال يوما بأن الأيادي المرتعشة لا تقدر على البناء، والعقبة الأولى أمامك أيها القارئ الكريم هي الخوف الذي ورثناه في الصغر من المدارس والأسر، الخوف من الكتاب ومن عدم فهمه، والخوف من فقدان متعة الهاتف والحاسوب والأصدقاء، آلاف العادات النفسية والعقلية والسلوكية تعبر عن حب الذات، والإنسان يحسب القراءة شر فيخاف أن تفسد عليه هذه العادات، والإنسان بطبعه يحب بقاء الأشياء على ما هي عليه، وهذا خلاف السنة الإلهية، وخلاف مصلحة الفرد، وخلاف مصلحة البشرية .
ختاما، اعلم أيها الإنسان أن الكلمة الحرة أقوى من السيف، يقول مالك ابن نبي في كتاب شروط النهضة “فالكلمة يطلقها إنسان، تستطيع أن تكون عاملا من العوامل الاجتماعية، حيث تثير عواصف في النفوس وتغير الأوضاع العالمية”، ولتكون كلمتك حرة عليك ان تكون قارئا متميزا ومقتحما لكل العقبات، فمن رحم الصعاب يولد الإنجاز.