يكفي التفكير فقط في مدى صعوبة الانتقال من مرحلة التعليم الثانوي إلى التعليم ” العالي “، وكلمة ” العالي ” سأضعها بين قوسين لأن هناك سؤال لازال يطرح – هل فعلا جودة التعليم في الجامعات المغربية يرقى ليكون تعليما “عاليا “، فبمجرد أن يصبح التلميذ طالبا وفي محاولة منه لمعرفة والتعرف على نظام الدراسة بالجامعة حتى يكتشف على أن الصورة التي كانت عنده عن التعليم ” العالي ” كانت فقط صورة وهمية وتخيلية، فالواقع أمر آخر، ناهيك عن المشاكل التي يعانون منها الطلبة، من طرد وقمع وتهميش، أما إن كنت حاملا لباكالوريا قديمة فلن تحظى حتى بفرصة الدخول إلى الجامعة إلا بنضال مستمر، في حين ينبغي أن تكون الجامعة تشكل إحدى المؤسسات الرئيسية الكبرى في تكوين الطالب.
فلم تعد هناك كلمات تسعف ولا عبارات تنصف لوصف واقع بات مكشوفا، فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، فحتى التقارير الدولية أصبحت فاضحت للتعليم بالمغرب، وما دل على ذلك هو تصنيفه الدائم والثابت في المراتب الأخيرة حسب التصنيف العالمي، فالتعليم بالمغرب وخصوصا التعليم الجامعي أفرغ من محتواه التربوي والتعليمي وصار مصنعا لتخريج البطالة.
فكلنا ربما نسمع عن الطلبة المغاربة المتفوقين الذين يتابعون دراستهم بالخارج، فهل سمعنا بأوروبي أو أمريكي يتابع دراسته بالمغرب، طبعا الجواب هو “لا”، لأنهم لا يفكرون في هذا حتى، فحقوق الطالب في البلدان المتقدمة ليست هي حقوق الطالب في دول العالم الثالث، إذ المغرب من هذه الدول، ولا يمكن أبدا الحديث عن مقارنة في مستوى التعليم، فالتعليم بالمغرب لازال يحتظر، فلا هو يموت فنبكي عليه ونعزي أهله، ولا هو يعود للحياة ولأهله فنفرح بعودته
وفي انتظار إصلاحا من داخل المنظومة التعليمية، تفاجأ الجميع بصدور قرار يفضي إلى إلغاء مجانية التعليم وهذا ما نص عليه ما يسمى بقانون الإطار 17/51، ” آش خاصك يا تعليم، إلغاء المجانية “، قرار يزيد من تأكيد عدم وجود اهتمام من طرف هذه الدولة الحبيبة بالتعليم، وترفع بذلك شعارا هو “التعليم ليس حق في هذه البلاد”.
لكن ما قام به الطلبة والتلاميذ من مسيرات ووقفات تنديدية بهذا القرار الظالم وعبروا عن رفضهم التام لمضامين قانون الإطار17/51، أبانت بذلك للنظام المتسلط في هذه البلاد على أن الشعب استفاق من غيبوبته وأصبح يعرف كل حيله الخادعة، فيبقى السؤال المطروح -ما هي ردة فعل مسؤولو هذا البلاد في ظل رفض هذا القرار من طرف الشعب؟
بقلم ادريس بلغازي