من قلب الذاكرة ننتشل هذه الصورة لنتذكر الملتقى الطلابي الوطني في نُسخته الثالثة عشرة الذي احتضنته جامعة ابن طفيل بالقنيطرة من يوم 25 إلى 30 مارس 2013، وقد رفعت له الكتابة العامة للتنسيق الوطني حينها شعار: “الشهادة والاعتقال.. ربيع الحُرية وخريف الاستبداد”.
شعار الشهادة والاعتقال الذي رفعته القيادة الوطنية لهذا الملتقى، كان له ما يبرره، فقد نُظمت هذه النسخة في وقت يقبع فيه ستة طلبة من مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في سجن عين قادوس السيء الذكر بمدينة فاس، ضريبةً على نضالهم إلى جانب الطلاب ووقوفهم إلى جانب صوت الحق، وقد حوكموا بستة أشهر سجنا نافذا قبل تقليصها إلى ثلاثة أشهر في الطور الاستئنافي، على خلفية معركة الحي الجامعي البطولية التي قادوها بجامعة فاس سايس لإسكان 500 طالب بعد اعتصام دام لأزيد من ثلاثة أشهر توجته السلطة بتدخل قمعي رهيب، راح ضحيته الشهيد محمد الفيزازي رحمه الله، واعتقلت أزيد من ثلاثين طالبا، احتفظت بستة رهن الاعتقال.
جاءت هذه النسخة في سياق يتواصل فيه الصراع بين الشعوب التواقة إلى الانعتاق والتحرر من كل القيود من جهة، وأنظمة الاستبداد من جهة ثانية، خاصة بعد انتفاضة الربيع العربي التي زرعت أملا في إمكانية التغيير قبل استحالتها استبدادا وفسادا أشد من قبل أنظمة الجور والطغيان.
لم تكن الجامعة في معزل عن القوى الوطنية الجادة الساعية إلى التحرر من الاستبداد، وقد لقيت ما لقيه الفضلاء من نصيب الحصار. فجاء هذا الملتقى لتعرف أول أيامه تدخلا أمنيًا عنيفا من قبل مختلف قوات الشرطة، تجلى في تطويق جامعة ابن طفيل وإتلاف الأروقة والملصقات والكتب، وإلحاق الأذى بطلاب الوفود المشاركة، ومنع الضيوف من الشخصيات الوطنية والأجانب من ولوج الجامعة، ليبقى ذلك التدخل والمنع صورة من صور انتهاك حرمة الفضاء الجامعي.
لم يكن الملتقى الثالث عشر ذاك، شاهدا على جور السلطة فقط، وإنما كان شاهدا في المقابل وببلاغة أكبر على صمود جماهير الطلاب وعزيمتهم وإصرارهم، لينتصروا بإرادتهم النافذة على القمع والتعنيف والحصار، واستمرت فعاليات الملتقى بعد تمسكهم بحقهم في تنظيم أنشطتهم المعهودة.
وفي إطار ترسيخ مبدأ الديموقراطية داخل مؤسسات الاتحاد، انتخبت لجنة التنسيق الوطنية قيادة جديدة، كان على رأسها حينها؛ الطالب مراد الشمارخ ليكون رابع كاتب عام في سلسلة الكتاب العامين الذي تعاقبوا على قيادة القافلة قبل تسليم المشعل للطالب عبد الكبير سحنون في الملتقى الموالي.
عرف الملتقى بعد أسبوع حافل بالأنشطة المتنوعة السياسية والثقافية والنضالية… المهرجان الختامي، كما في الصورة التي اخترناها لكم، ويظهر طبيعة الحضور الوازن من قبل الطلاب، كما تعددت فقراته وفعالياته، منها إعلان وتنصيب القيادة الجديدة، فضلا عن كلمة مسجلة من داخل السجن لأحد الطلبة المعتقلين.
هيئة التحرير