وظف الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي عبارة “الإحتقلال” للدلالة على الوضعية التي أصبح المغرب يعيشها بعد مفاوضات “إكس ليبان” التي مهدت لإستقلال لم يرق إلى تطلعات الشعب المغربي عموما و تطلعات الحركة الوطنية و المقاومة المسلحة على وجه الخصوص.
هكذا فإن محمد بن عبد الكريم الخطابي -و غيره كثير- لم يعتبروا ما تحقق سنة 1956 بمثابة الإستقلال02 الحقيقي، بل عدوه مجرد إستقلال صوري أو أن المغرب دخل مرحلة الإستعمار الجديد حيث لم إحتل مكان الإحتلال السياسي و الثقافي و الإقتصادي… مكان الإحتلال العسكري.
رفعت الحركة الوطنية عقب “الإحتقلال” ثلاث مبادئ تؤطر منظومة التربية و التعليم بالمغرب: “التعميم، و التوحيد، و التعريب، و مغربة الأطر” و بذلك تكون الحركة الوطنية قد وضعت الأسس الأولى لمنظومة التربية و التكوين، و جعلت ذروة سنام هذه المنظومة الحفاظ على الهوية المغربية و التخلي عن كل ما يمت للإستعمار (لغة، ثقافة، لباس…) بصلة.
بعد مرور 70 سنة على “الإحتقلال” و في أطوار مسلسل “وصفات” الإصلاح المتعاقبة الواحدة تلو الأخرى دون أي فائدة ترتجى، صادق المجلس الوزاري بالقانون الإطار 17.51 في المادة 28 من بابه الخامس بفصل يقول “إعمال مبدأ التناوب اللغوي من خلال تدريس بعض المضامين أو المجزوءات في بعض المواد بلغة أو لغات أجنبية” و نص كذلك على “العمل على تمكين المتعلمين من اللغات الأجنبية في سن مبكرة …”
هكذا تتعدت السبل و المداخل لكن الغاية وحيدة: فسح المجال “للغات الأجنبية”.
لا يستقيم الحديث عن “اللغات الأجنبية” في المغرب لأنها كغيرها من العبارات ذات الحمولة الفضافضة، فلا لغة أجنبية في المغرب تعلو على الفرنسية التي تحرص الإدارة الفرنسية على تثبيتها بالمغرب و إرغام أبناء المغرب على النطق و الكتابة بها دون أدنى إحترام لأدنى شروط الإستقلالية الهوياتية.
هكذا أصبحت اللغات الأجنبية مطية للفرنسية التي تصر على جعل المغرب دولة ناطقة بحرفها.
ختاما إن الإنفتاح اللغوي ركيزة أساسية لبناء منظومة تعليمية تنهض بالبلاد و العباد، لكن لا نهوض يرتجى في ظل إحتلال ثقافي يلغي اللغات الوطنية.