الكتابة الوطنية:" ندعو كل مكونات الجامعة إلى الوقوف سدا منيعا أمام السياسات التخريبية التي تريد عزل الجامعة عن أدوارها الحقيقة"
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
الكتابة الوطنية
بيان
عقدت الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب لقاءها الأول لهذا الموسم الجامعي، يوم الثلاثاء فاتح أكتوبر 2019 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن طفيل. ويأتي هذا اللقاء بعد إسدال الستار على الحملة الوطنية لاستقبال الطالب الجديد المنظمة تحت شعار: “الطالب الجديد، لبنة جديدة في بناء جامعة عمومية رائدة“، حيث تجندت هياكل الاتحاد بجميع الجامعات المغربية تيسيرا لعملية التسجيل وتسهيلا لإدماج الطلاب في الوسط الجامعي، وعياً منها بحساسية هذه المرحلة الانتقالية التي تستلزم انخراط كل مكونات الجامعة خدمة للطالب توجيها وتأطيرا، وقد وقفت الكتابة الوطنية وقفة إجلال وإكبار أمام المجهودات الجبارة التي يبذلها مناضلو الاتحاد في الفروع والتعاضديات على جميع المستويات.
انعقد اللقاء في سياق دولي وإقليمي محتقن، يستمر فيه الاستكبار العالمي في ترسيخ سياسته الاستعمارية ومحاولاته الدائمة لإغراق المنطقة في الحروب الطاحنة التي تحصد آلاف الأرواح، حماية لمصالحه السياسية والاقتصادية، ويستمر الكيان الصهيوني في سياساته الاستيطانية وممارساته العنصرية وتطاوله على الأقصى الشريف، وسعيه الحثيث للتضييق على المقاومة وحصارها… ورغم هذا تستمر المقاومة الباسلة في تحقيق الانتصارات، وتهب على شعوب المنطقة نسمات ربيع جديد، تكسر حاجز الخوف وتكشف هشاشة الأنظمة الانقلابية، وتنشر الأمل رغم كل عوامل التيئيس والإحباط، لتطالب من جديد بحكم مدني ديمقراطي قوامه العدل والحرية.
أما على المستوى المحلي فالعنوان الأبرز هو الإفلاس السياسي والاقتصادي الذي تعترف به أعلى سلطة في البلاد، ويؤكده الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتؤشر عليه التقارير الدولية والرسمية بين الفينة والأخرى، ومع هذا الإفلاس تتبخر كل الشعارات الزائفة، والخطابات التي تحاول تعليق الفشل على من لا يحكم وتحميله كامل المسؤولية، ومعه أيضا يبطل مفعول المسكنات التي أصبحت عاجزة على إيقاف فئات عريضة من المجتمع على الاحتجاج وقيادة معارك نضالية قوية مستقلة خارج الإطارات التقليدية، التي استطاعت أن تكشف في وقت وجيز عن طبيعة النظام القمعية الاستبدادية.
ليتصدر من جديد ملف الاعتقال السياسي وملف التضييق على الأصوات الحرة المعارضة المشهد الحقوقي المغربي، في الوقت الذي تزداد فيه الأزمة الاقتصادية اختناقا بسبب تهريب الأموال وتنامي سياسة الريع والتهرب الضريبي… الذي أدى إلى ارتفاع تاريخي في نسبة المديونية وما تمخض عنه من تنفيذ قسري لتوصيات المؤسسات الدولية المانحة.
إن الحديث عن أزمة التعليم لا يبتعد عن هذا السياق بل هي فرع من ذلك الأصل، فلا يمكن تصور سياسات تعليمية وطنية ناجحة في ظل نظام سياسي مبرمج على إنتاج الفشل، وعليه فالموت السريري للمنظومة التعليمية لن ينفع معه إنعاش القانون الإطار 51.17 الذي طاله الرفض المجتمعي، بالنظر إلى سياقات إعداده والجهاز الذي أعده ومضامينه والطريقة المهينة التي صودق عليه بها، وبالنظر كذلك إلى سياسة الآذان الصماء تجاه أصوات الخبراء والأكاديميين والهيئات المدنية والنقابية، وتجاه احتجاجات الهيئات الطلابية وتعالي أصوات الرفض من داخلها، باعتبار هذا القانون جريمة تستبيح الهوية الوطنية واللغة الوطنية لصالح اللوبي الاستعماري، وباعتباره أيضا إيذانا بتخلي الدولة عن التزاماتها في تمويل التعليم العمومي في كل مراحله، رغم التعديل الذي لحق هذه المواد، والذي جاء في صياغات مبهمة غير واضحة مفتوحة أمام كل التأويلات.
وتزامن انعقاد اللقاء أيضاً مع إصدار المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي، الذي كشف عن جزء يسير من حجم الاختلالات المالية والتنظيمية في تدبير المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح وكذا الاستقطاب المحدود، وسلط الضوء على الخروقات القانونية والسياسات الريعية، وكشف حقيقة وضعية البحث العلمي. وإلى جانبه، أظهر آخر تصنيف عالمي تصدره مؤسسة (Times Higher Education) تقهقر ترتيب المصنّف من الجامعات المغربية، وكذا غياب أغلبها عن الظهور حتى في التصنيف. توالي هذه التقارير الدولية الكاشفة كل مرة أننا في ذيل الترتيب، وتقاطر التقارير الرسمية الراصدة لوضعية جامعاتنا، يعكس بالفعل أن التعليم العالي ببلدنا في حالة هشة على مستوى السياسة العامة والبنى التحتية.
وبعد مناقشتنا العميقة لكل نقاط جدول الأعمال، وتبادل وجهات النظر بكل وضوح ومسؤولية، وعيا منا بحساسية المرحلة ودقتها على جميع المستويات، وتدارسنا لمجموعة من قضايا الجامعة الراهنة وتداولنا في مجموعة من المشاريع التي تهم عملنا تنظيميا ونضاليا وتواصليا، نعلن للرأي العام والطلابي ما يلي:
- تثميننا لمجهودات مناضلي الاتحاد في الفروع والتعاضديات التي بذلوها خلال عملية استقبال الطالب توجيها وتأطيرا وإرشادا؛
- تنديدنا بالخروقات التي شابت عملية التسجيل بالكليات واستنكارنا التضييق على الحريات النقابية باعتبار هذه الأخيرة من أكبر المطالب التي سعت الحركة الطلابية لتحقيقها وترسيخها؛
- تنويهنا بالمعركة البطولية لطلبة الطب والنتائج التي توصلت إليها، وتهنئتنا لأساتذة الطب الموقوفين على صمودهم الأبي وعودتهم إلى مقرات عملهم؛
- تثميننا للخطوات المشتركة التي كانت رفقة التنسيقية الوطنية للطلبة المهندسين وتنسيقية طلبة الطب، في إطار معركة التصدي للبنود المجحفة في القانون الإطار، وعلى رأسها الزحف على التعليم العمومي، ودعوتنا المؤسسة البرلمانية الاستجابة لمضامين العريضة المشتركة؛
- رفضنا المتجدد لمضامين القانون الإطار 51.17 الرامية إلى الإجهاز على ما تبقى من مقومات التعليم العمومي وعلى رأسها الاستهداف المباشر والمفضوح للغة الوطنية خدمة للمستعمر، ونعلن عن استمرارنا في معركة الرفض وفضح مرامي هذه السياسات الفاشلة؛
- مطالبتنا إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلي حراك الريف وعمر محب وكل معتقلي الحركة الطلابية ومعتقلي الرأي، ونحذر من استمرار نهج المقاربة الأمنية القمعية لتخويف الأحرار ومحاولة ثنيهم عن قول كلمة الحق؛
- مطالبتنا الوزارة الوصية بسحب المذكرة المشؤومة المتعلقة بالترخيص للأنشطة النقابية والثقافية والعلمية والتي تروم في مضمونها تجريد الجامعة من مهامها الأساسية في دعم التنوع الفكري والثقافي والنقابي، الذي ينضاف إلى المهام الأساسية في التحصيل والبحث العلمي وصناعة النخب؛
- دعوتنا كل مكونات الجامعة من فصائل طلابية وأساتذة وإداريين إلى الوقوف سدا منيعا أمام كل السياسات التخريبية التي تريد عزل الجامعة عن أدوارها الحقيقة؛
- دعوتنا كل المناضلين إلى العمل الجاد والدؤوب خدمة للطالب ودفاعا عن مطالبه المادية والمعنوية والالتفاف حول الهياكل وتقويتها، وكذا التحلي باليقظة فيما يحاك ضد الجامعة.
الكتابة الوطنية
04-10-2019
القنيطرة