إيمانياتالرئيسيةرأي حر

لزوم باب الله..

123
بقلم: سعد الزين

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على مولانا إمام المرسلين، وسيد الصائمين القائمين، وخير معتكف لرب العالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

نحمد الله عز وجل الذي بغلنا رمضان بلا حول منا ولا قوة، رمضان شهر الهدى والتقى والمغفرة والرحمة والعتق من النار، كل أيامه مباركة، إن لم نغتنمها مرة علينا مرور البرق، لرمضان بركات وعطاءات ربانية كبرى، من أعظمها أن الله عز وجل شرفه وأكرمه بإنزال القرآن الكريم ونوره كاملا في ليلة القدر، قال تعالى بعد بسم الله الرحمان الرحيم: ”  إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5).”

إضافة إلى عظمة هذا الشهر الفضيل، جعل الله عز وجل فيه مناسبات تطوي بنا مسافات القرب منه عز وجل، من أعظمها العشر الأواخر التي توجت بليلة القدر، وهي أفضل أيام رمضان، فداوم صلى الله عليه وسلم على الإعتكاف فيها حتى توفي، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده. متفق عليه.[1]

فالله عز وجل شرع لعباده الكثير من العبادات والطاعات التي تقربنا منه عز وجل، ومنها الاعتكاف في المساجد، والاعتكاف لغةً المكث واللزوم، قال تعالى: (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) الحج: 25.

 واصطلاحًا: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى.

يجب أن نفهم على أن الإعتكاف هو لزوم باب الله تعالى عز وجل، والجلوس عنده والإنكسار بين يديه، صحيح أن الدنيا ومشاغلها تجرنا جرا، لأن هذا هو مراد النفس، فالله عز وجل خلقنا من طين ونفخ فينا من روحه قال تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾[2]. فرمضان جعل ليخلصنا من هذه الطينية لتتغذى الروح التي شرفنا الله تعالى عز وجل بها، فمن فضائل الإعتكاف أنه يرتقي بنا من الطينية التي نحن علها إلى تغذية الروح ورقيها، كيف ذلك؟ سائر أيام رمضان وما يعيش عليه معظم المسلمين أن ما ننتهي عن أكله من الفجر إلى غروب الشمس، نأكل كثر منه بكثير عند الإفطار، وبالتالي نقوي ارتباط النفس بالأرض ولا نكبحها كي نحقق الهدف من رمضان وهو التقرب من الله عز وجل والتخلص من طبعنا الطيني، أما عندما نعتكف عند باب الله عز وجل ننقطع عن الدنيا وما فيها لنتفرغ لأجل ما خلقنا له عبادة الواحد الأحد، والإعتكاف مدرسة إيمانية إحسانية من ضيع الدخول غليها حرم عظيم أجرها، ومن وفقه الله تعالى لدخولها يجب عليه أن يتحلى بالأدب معه عز وجل، فالله تعالى عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبا، لهذا يجب أن نخلص النية لله وحده، لأن هذا الأخير أساس القبول والتوفيق، والإجتهاد في التقوى التي لا يمكن أن تحصل إلا بذكر الله والنظر إلى عباده بعين الرحمة لا عين البغض والغل والنقمة، لهذا يجب أن نتهيأ للإعتكاف في العشر الأوائل والعشر الأواخر لندخل على الإعتكاف وصدرنا سليم متق لله معافا من البغض والحسد والغل، كما أن مراقبة الله عز وجل تعيننا على التأدب معه تعالى حيث يجب أن نستحضر في كل دقيقة وكل ساعة وكل لحظة أنه يرانا ويطلع علينا، فالإعتكاف ليس للجلوس مع  للجلوس والحديث وإضاعة الوقت بل للطاعة والعبادة وخشية لله تعالى، كما أن المعتكف يجب أن يستحضر في كل لحظة معاصيه وذنوبه لينكسر القلب ويحق التذلل بين يديه عز وجل، قال ابن القيم في (زاد المعاد 2/90 ): “كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه ، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ، ومجلبة للزائرين ، وأخذهم بأطراف الحديث بينهم ، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون”

والإعتكاف كما سبق وذكرنا هو لزوم المسجد للعبادة كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام كان يلزم مكانه حتى إن أراد أن يشط أو يغسل شعره لايقوم من معتكفه بل كان عليه السلام يخرج رأسه فقط لأمنا عائشة فترجله له روى البخاري (2028) ومسلم (297) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ (أي : معتكف) فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ . وفي رواية للبخاري ومسلم : (فَأَغْسِلُهُ) . وترجيل الشعر تسريحه .

وفي معتكفنا لا ننسى أمتنا المسلمة من الدعاء، لا ننسى رفع أكف الضراعة والتوسل إلى المولى عز وجل، فالدعاء مخ العبادة وصلبها، خصوصا إن كان في زمان مبارك كهذا الذي نمر منه رمضان وزمن الإعتكاف له فضل خاص وبركة خاصة، كذلك نجدد توبتنا له عز وجل، ونطلبه تعالى أن يسترنا عن المعاصي ويضع بيننا وبينها حجابا يمنعنا من الإقتراب إليها، كذلك لا ننسى أن نبتعد على كل المشوشات كالهواتف والأجهزة الإلكترونية، والقطع مع لك ما يمكن أن يصرفنا عن الله عز وجل، وأن نستغل هذه العشر جيدا لعل الله تعالى عز وجل أن يقربنا منه ويجعلنا من أوليائه، ومن يمتنع عن الإعتكاف بدافع العمل يجب عليه أن لا ينسى بأن صاحب الرزق هو الله عز وجل وأنه تعالى على كل شيء قدير، فالروح والريحان مذاق لا يدركه إلا من كان مخلصا للمنان.

قال شاعر:

هَيّا اجْعلوا الشهرَ صلحاً بَدْء توبتنا ……………….. عَلَّ الكريمُ إذا هُدْنا تـَلـَقـّانا

يامن اظهر الجميل وستر القبيح، يامن لا يؤاخذ بالجريرة ولا يهتك الستر، يا عظيم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح يا عظيم المن، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا يا سيدنا يا مولانا يا غاية رغبتنا، أسألك يا الله الا تشوه خلقي بالنار.

بقلم سعد الزين

[1]  خرجه البخاري في الاعتكاف (2026)، ومسلم في الاعتكاف (1172)
[2]  سورة الحجر آية رقم 29.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إيمانياتالرئيسيةرأي حر

لزوم باب الله..

123
بقلم: سعد الزين

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على مولانا إمام المرسلين، وسيد الصائمين القائمين، وخير معتكف لرب العالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

نحمد الله عز وجل الذي بغلنا رمضان بلا حول منا ولا قوة، رمضان شهر الهدى والتقى والمغفرة والرحمة والعتق من النار، كل أيامه مباركة، إن لم نغتنمها مرة علينا مرور البرق، لرمضان بركات وعطاءات ربانية كبرى، من أعظمها أن الله عز وجل شرفه وأكرمه بإنزال القرآن الكريم ونوره كاملا في ليلة القدر، قال تعالى بعد بسم الله الرحمان الرحيم: ”  إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5).”

إضافة إلى عظمة هذا الشهر الفضيل، جعل الله عز وجل فيه مناسبات تطوي بنا مسافات القرب منه عز وجل، من أعظمها العشر الأواخر التي توجت بليلة القدر، وهي أفضل أيام رمضان، فداوم صلى الله عليه وسلم على الإعتكاف فيها حتى توفي، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده. متفق عليه.[1]

فالله عز وجل شرع لعباده الكثير من العبادات والطاعات التي تقربنا منه عز وجل، ومنها الاعتكاف في المساجد، والاعتكاف لغةً المكث واللزوم، قال تعالى: (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) الحج: 25.

 واصطلاحًا: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى.

يجب أن نفهم على أن الإعتكاف هو لزوم باب الله تعالى عز وجل، والجلوس عنده والإنكسار بين يديه، صحيح أن الدنيا ومشاغلها تجرنا جرا، لأن هذا هو مراد النفس، فالله عز وجل خلقنا من طين ونفخ فينا من روحه قال تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾[2]. فرمضان جعل ليخلصنا من هذه الطينية لتتغذى الروح التي شرفنا الله تعالى عز وجل بها، فمن فضائل الإعتكاف أنه يرتقي بنا من الطينية التي نحن علها إلى تغذية الروح ورقيها، كيف ذلك؟ سائر أيام رمضان وما يعيش عليه معظم المسلمين أن ما ننتهي عن أكله من الفجر إلى غروب الشمس، نأكل كثر منه بكثير عند الإفطار، وبالتالي نقوي ارتباط النفس بالأرض ولا نكبحها كي نحقق الهدف من رمضان وهو التقرب من الله عز وجل والتخلص من طبعنا الطيني، أما عندما نعتكف عند باب الله عز وجل ننقطع عن الدنيا وما فيها لنتفرغ لأجل ما خلقنا له عبادة الواحد الأحد، والإعتكاف مدرسة إيمانية إحسانية من ضيع الدخول غليها حرم عظيم أجرها، ومن وفقه الله تعالى لدخولها يجب عليه أن يتحلى بالأدب معه عز وجل، فالله تعالى عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبا، لهذا يجب أن نخلص النية لله وحده، لأن هذا الأخير أساس القبول والتوفيق، والإجتهاد في التقوى التي لا يمكن أن تحصل إلا بذكر الله والنظر إلى عباده بعين الرحمة لا عين البغض والغل والنقمة، لهذا يجب أن نتهيأ للإعتكاف في العشر الأوائل والعشر الأواخر لندخل على الإعتكاف وصدرنا سليم متق لله معافا من البغض والحسد والغل، كما أن مراقبة الله عز وجل تعيننا على التأدب معه تعالى حيث يجب أن نستحضر في كل دقيقة وكل ساعة وكل لحظة أنه يرانا ويطلع علينا، فالإعتكاف ليس للجلوس مع  للجلوس والحديث وإضاعة الوقت بل للطاعة والعبادة وخشية لله تعالى، كما أن المعتكف يجب أن يستحضر في كل لحظة معاصيه وذنوبه لينكسر القلب ويحق التذلل بين يديه عز وجل، قال ابن القيم في (زاد المعاد 2/90 ): “كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه ، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ، ومجلبة للزائرين ، وأخذهم بأطراف الحديث بينهم ، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون”

والإعتكاف كما سبق وذكرنا هو لزوم المسجد للعبادة كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام كان يلزم مكانه حتى إن أراد أن يشط أو يغسل شعره لايقوم من معتكفه بل كان عليه السلام يخرج رأسه فقط لأمنا عائشة فترجله له روى البخاري (2028) ومسلم (297) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ (أي : معتكف) فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ . وفي رواية للبخاري ومسلم : (فَأَغْسِلُهُ) . وترجيل الشعر تسريحه .

وفي معتكفنا لا ننسى أمتنا المسلمة من الدعاء، لا ننسى رفع أكف الضراعة والتوسل إلى المولى عز وجل، فالدعاء مخ العبادة وصلبها، خصوصا إن كان في زمان مبارك كهذا الذي نمر منه رمضان وزمن الإعتكاف له فضل خاص وبركة خاصة، كذلك نجدد توبتنا له عز وجل، ونطلبه تعالى أن يسترنا عن المعاصي ويضع بيننا وبينها حجابا يمنعنا من الإقتراب إليها، كذلك لا ننسى أن نبتعد على كل المشوشات كالهواتف والأجهزة الإلكترونية، والقطع مع لك ما يمكن أن يصرفنا عن الله عز وجل، وأن نستغل هذه العشر جيدا لعل الله تعالى عز وجل أن يقربنا منه ويجعلنا من أوليائه، ومن يمتنع عن الإعتكاف بدافع العمل يجب عليه أن لا ينسى بأن صاحب الرزق هو الله عز وجل وأنه تعالى على كل شيء قدير، فالروح والريحان مذاق لا يدركه إلا من كان مخلصا للمنان.

قال شاعر:

هَيّا اجْعلوا الشهرَ صلحاً بَدْء توبتنا ……………….. عَلَّ الكريمُ إذا هُدْنا تـَلـَقـّانا

يامن اظهر الجميل وستر القبيح، يامن لا يؤاخذ بالجريرة ولا يهتك الستر، يا عظيم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح يا عظيم المن، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا يا سيدنا يا مولانا يا غاية رغبتنا، أسألك يا الله الا تشوه خلقي بالنار.

بقلم سعد الزين

[1]  خرجه البخاري في الاعتكاف (2026)، ومسلم في الاعتكاف (1172)
[2]  سورة الحجر آية رقم 29.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium